على الرصيف 

كانت أكبر مخاوف سعد في الحياة هو أن يصطدم بسيارة مسرعة فتدهس عظامه تحت عجلاتها وتنثر دمائه على أسفلت الشارع, ولذلك كان يتجنب المشي في الشارع ويلتزم بالمشي على الرصيف رغم أنه قديم و متهالك ومثقوب بالحفر.


 مرت الأيام   وقررت الحكومة  استبدال   الأرصفة القديمة   بأرصفة جديدة
أعلى  ارتفاعا وأضيق   ,   و رغم أن الصعود على الرصيف والنزول منه أصبح    يسبب ألما في ركبتي  سعد  لكنه  عود نفسه على احتمال ذلك   الألم البسيط  حتى يؤمن نفسه  من بطش
   السيارات


  مرت الأيام  و قامت الحكومة  بزيادة ارتفاع  الأرصفة  مجددا والتقليل من عرضها    فلم يعد الرصيف    يتسع  إلا لشخصين   فقط .
  ازداد الألم   في ركبتي  سعد  من جراء صعوده   على الرصيف يوميا  .
كانت نفسه تراوده أحيانا    حتى يتخلى عن الرصيف ,ولكنه بمجرد أن يرى  سيارة مسرعة كان يرتعد رعبا  ويدرك أن الألم الذي يشعر به الآن  لا يساوي  شيئا مقابل الألم الذي سيهاجمه إذا اصطدمت به سيارة .
مرت الأيام و تم التقليل   من عرض   الأرصفة  مجددا  فصار الرصيف شديد الضيق   لدرجة أنه لم يعد يتسع إلا لشخص واحد فقط , و  أصبح سعد يبذل   مجهودا مضنيا حتى يصعد عليه  .  
ألحت عليه بشدة فكرة  أن يترك هذا  الرصيف الضيق  ويجرب المشي  في الشارع الواسع ثم  أطرق برأسه وأخذ يتأمل بشجن  بلاط  الرصيف  فأحس أن تخليه عنه سيكون خيانة لصديقه الوحيد الوفي الذي وفر  له  الأمان على مدار السنوات الماضية  ولذلك قرر أن يواصل المشي علي الرصيف   مهما عاني من ألأم  .
وفي إحدى الأيام  وبينما كان يصارع الأم ركبتيه وهو يسير على   الرصيف أحس بدوار في رأسه   ثم اختل توازنه  و انزلقت قدميه  من على الرصيف إلى الأرض .
 سرت في بدنه رعدة عندما أدرك أنه ملتصق   بأسفلت الشارع الذي تحمل ما لا يٌحتمل من أجل أن يتجنب  السير  عليه .
ألقى ببصره على عجلات السيارات التي تزاحم بعضها حتى تسير في الطريق .
رفع رأسه ببطء من على الأرض ثم انتصب واقفا .   تحسس ذراعيه و رأسه و وجهه وركبتيه وقدميه   فلم يجد أي أثار لدماء أو كدمات  .
بسط يديه شكرا لله  و غمره شعورا منعشا بالتحرر كأنه تخلص من عفريت كان يسكن جسده.
مشي  ببطء مترنحا  كأنه طفل يحبو  . وبعد دقائق  تسارعت خطواته وصار يمشي بثقة ,  ثم  أخذ  يجري ويعدو في الشارع بين السيارات  ويصيح مبتهجا احتفالا  بنفسه 

0 تعليقات