عام 2021 هو أقل عام قرأت فيه كتب بسبب ظروف شخصية صعبة مررت بها، ورغم ذلك فإن هناك عدد من الكتب المهمة التي قرأتها في هذا العام والتي أرشحها لكم على أمل أن تحصلوا منها على الإفادة والمتعة.

1-أبي الذي أكره – عماد رشاد عثمان


هذا الكتاب في نظري من أفضل الكتب التي قرأتها في مجال علم النفس إن لم يكن أفضلهم بالفعل، وميزة الكتاب أن مؤلفه طبيب نفسي وفي الوقت نفسه دارس للفلسفة واللغة العربية مما يمنح كتابه عمق كبير لن تجده في الكتب النفسية الاكاديمية الجافة.

يتحدث الكتاب عن التشوهات النفسية التي يصاب بها البشر بسبب إساءات أباءهم لهم   في الصغر. المعلومات الواردة فيه كانت كاشفة ومفاجئة بالنسبة لي.
كنت أظن أن الاخطاء التي يرتكبها الأبناء والامهات أثناء تربية أولادهم يمكن أن تمر بسهولة وينساها المرء بمجرد أن يكبر وينضج، ولكني اكتشفت أن أصل كل الامراض النفسية ينتج بصفة كبيرة عن التربية،
وأن كثير من الاهل يسقطون احباطاتهم ومشاكلهم وخلافاتهم على ابناءهم ويسيئوا لهم بقصد او بدون قصد فيكبر الابناء مشوهين وغير متزنين نفسيًا. تلك الاساءات تضع سجن نفسي حول الفرد فتجعله عاجزا عن الاستمتاع بالحياة.
انصح بقراءة هذا الكتاب للجميع خصوصا لمن عانوا من الظلم الاهل لهم أو لمن يريد أن يفهم نفسية ضحايا اساءات الاهل، ولمن هو مقبل على الزواج ويريد تجنب الوقوع في تلك الاساءات.

 

2- عندما بكى نيتشه – أرفين د يالوم

       


  عندما بكى نيتشه ليست رواية عادية وإنما هي وجبة فكرية وفلسفية ونفسية متكاملة.

أبطال الرواية شخصيات حقيقية تم وضعهم في إطار أحداث خيالية.

البطل الأول هو جوزيف بريوير طبيب نمساوي كبير ساهم في اكتشافات طبية كبيرة وكذلك في ظهور التحليل النفسي كعلاج للأمراض النفسية، وكان أستاذًا لسيمجوند فرويد والذي يلعب دورا في هذه الرواية وإن كان صغيرًا مقارنة ببريوير.

البطل الثاني والأهم هو نيشته الفليسوف المثير للجدل والذي عانى من أزمة نفسية كبرى بعد فشل قصة حبه مع فتاة روسية اسمها لو سالومي اصبحت فيما بعد محللة نفسية وفليسوفة.

في الرواية تذهب لو سالومي لجوزيف بريوير، وتطلب منه أن يعالج نيشته من اليأس والآلآم النفسية التي يرفض الاعتراف بها بسبب كبريائه الشديد واقتناعه أن الكشف عن نفسه أمام الآخرين ضعف

هل استطاع بريوير أن يعالج نيشته من مشاكل نفسية يرفض الاعتراف بها ويساعده على تخطي فشله العاطفي ؟

هذا ما تكشفه الرواية عبر سلسلة من اللقاءات بين بريوير ونيشته،

والتي يتحول فيها الطبيب إلى مريض ونتقلب الأدوار لنكتشف المزيد عن أعماق النفس البشرية، كما نتعرف بشكل مقرب على شخصية نيشته وطبيعة حياته ونفهم فلسفته المثيرة للجدل.

الحوارات الدائرة بين بريوير ونيشته رائعة ومثيرة للتفكير والتأمل خاصة أن مؤلف الرواية محلل نفسي في الأساس مما أعطى للرواية عمق خاص لا تجده في أي عمل أدبي أخر.

 

3- الحقيقة الصادقة بخصوص عدم الصدق: كيف نكذب على كل من حولنا

-دان أريلي

 

     


    هذا هو الكتاب الثاني الذي أقره لدان اريلي أستاذ الاقتصاد السلوكي والحقيقة أنني أحب كتاباته التي تتميز بالإمتاع وخفة الظل والبساطة.

في هذا الكتاب يسرد نتائج أبحاثه عن الغش والخداع وعن الظروف التي تدفعنا للغش وكيف يؤثر الآخرون في ميلنا لممارسة الغش،

وما هي أسهل الطرق لتقليل الغش في الامتحانات وفي العمل

الكتاب مليء بالمعلومات والملاحظات الانسانية الطريفة والعميقة كما أن نتائج الابحاث ليس كما يتوقع القارئ، فالناس عموما لديهم ميل لفعل الصواب والابتعاد عن الغش والسرقة، ولكن عندما يخالفون القواعد يحاولون ألا يتمادوا في الغش كثيرًا حتى لا يفقدوا احترامهم لأنفسهم.

 

4- غرفة المسافرين – عزت القمحاوي

 


غرفة المسافرين للأديب المصري عزت القمحاوي هو كتاب فكري تأملي شديد الجمال والعذوبة عن السفر.

يستعرض الكتاب في فصوله المختلفة فكرة السفر، وكيف ظهرت في الأدب العربي والعالمي في كتب مثل ألف ليلة وليلة والامير الصغير ومدن لا مرئية وغيرها.
ولماذا يحب الناس السفر؟ وما هي تحضيرات السفر وإحساس الإنسان قبل ركوب الطائرة، وبعد الذهاب إلى مدينة جديدة.
يحتوي الكتاب أيضا على ذكريات للكاتب في بعض المدن التي سافر إليها وعن رحلاته في المصايف المصرية.  
الكتاب لا ينتمي إلى كتب الرحلات رغم أنه يتحدث عنها، ولكنه عبارة عن تأملات إنسانية عن السفر والحياة. 

 

5- أخر أيام الباشا – رشا عدلي
 


هذه الرواية كانت المفاجآت السارة لي في هذا العام فقد انبهرت بالمستوى العالي لهذه الرواية التاريخية الرائعة والتي مزجت الماضي بالحاضر بشكل مميز. تتحدث الرواية عن رحلة الزرافة التي أهداها محمد علي باشا إلى ملك فرنسا من خلال الانتقال بين الماضي والحاضر. يوجد في الرواية بطلين ، البطل الأول هو الدكتور جهاد أستاذ التاريخ الذي يرفض رؤية المؤرخين التقليدين لحياة محمد علي ويبحث في أسرار أيامه الأخيرة ، البطل الثاني هو حسن البربري وهو خادم قنصل فرنسا في مصر وهو الحارس الذي رافق الزرافة إلى فرنسا ومن خلالها نال حريته لفترة قصيرة.
 أجمل ما في هذه الرواية هو البحث التاريخي العميق الذي اجرته الاديبة رشا عدلي لتصف لحظات تاريخية في عهد محمد علي بقدر كبير من الدقة.



 

0 تعليقات