السيجة أو السرنجة أو السنجة أو السبحة أو السرجة  , كلها كلمات متشابهة  وكل كلمة تكشف سرا عن  عفاف بطلة  أحدث روايات الدكتور أحمد خالد توفيق
تبدأ الراوية بالسؤال عن سر اختفاء كاتب مغمور يدعى عصام الشرقاوي ومن أجل البحث  عنه يدخل بنا الكاتب   لأخر  مكان ذهب له عصام  وهو  حي عشوائي اسمه دحديرة الشناوي . ذهب عصام لهذا الحي  بعد أن نضبت أفكاره من أجل البحث عن مصدر وحي ليكتب عنه . ومن خلال عيون عصام نتعرف على عالم الدحديرة  وهو عالم شديد الكآبة والسواد فكل أبطال الرواية إما فقراء جهلة مرضى  يكرهون حياتهم  أو مجرمون يفرضون إرادتهم بالقوة على الجميع . هؤلاء الأبطال يمثلون عددا كبيرا من المصريين الذين سحقهم نظام مبارك وقتل أحلامهم في حياة كريمة ,  فلم يجدوا سبيلا للحياة سوى قتل أنفسهم أو قتل الآخرين .

 درجة السواد في الرواية تجعلك ترغب في التقيؤ مثل أبطالها . الدكتور أحمد خالد توفيق يصف الواقع في المناطق العشوائية بلا مواربة ولا تجميل  و يشعرك  أنك تقرأ  عن كابوس وليس واقع يومي يعيشه ملايين الناس  . ولو حاولت البحث عن نقطة نور أو بقعة من الأمل في الرواية ستفشل فكل شيء أسود قاتم معتم والحل الوحيد الذي تقدمه الرواية لأبطالها هو أنها تريحهم من عذاب الحياة بالموت أو القتل  .
 من عيوب  الراوية    سرعة الانتقال في الحديث من  شخصية لأخرى مما يجعل القارئ في تشتت  لأنه لا يستطيع أن يأخذ وقته في التعرف  كل شخصية , كما شعرت أن الكاتب استمتع بالتلاعب بعقل القارئ وبوضعه في حالة حيرة  وارتباك حتى يجد نفسه في النهاية  عاجزا عن التمييز بين الواقع والخيال في الرواية  .
ورغم أن الرواية مكتوبة بأسلوب مميز وبطريقة سلسة ومشوقة إلا أني أعطيتها 3 من 5 فقط لأني لا أرغب في إعادة قراءتها مرة أخرى  .   سوداوية الرواية الشديدة  للأسف  قتلت شعوري بالاستمتاع بقراءتها  فرغبت من الانتهاء منها سريعا بعد أن شعرت بضيق وانقباض شديد وأنا أقرأها  . أنا لا أعيب على الكاتب نقل الواقع كما هو  بل أعلم جيدا  أن الواقع  أشد سوادا مما وصفته الرواية , ولكني أرى أنه كان يمكن أن  يعطي ولو  درجة قليلة من الضوء أو حتى الفكاهة  في الرواية حتى لا يجعل القارئ يشعر  بالرغبة في الانتحار بعد الانتهاء من قراءتها .
في النهاية أنصحك بعدم الاقتراب من هذه الرواية إذا كنت تمر بحالة نفسية سيئة  لأنك يجب أن تعد نفسك جيدا  لتحمل قراءة  المأسى المهولة التي يمر بها أبطال السنجة
 أفضل  العبارات  في الرواية

عندما تغرب الشمس
 عندما يكف الأصحاب عن تقديم عزائهم لك
 عندما  تستطيل الظلال قبل أن تفني  
عندها يبدأ موعد سجنك الخاص السجن اليومي الذي يبدأ كل ليلة
- في تلك الأيام كانت الإضرابات تبدأ بتعطيل المواصلات حيث يتسلق أحدهم لسقف الترام ويشد السنجة  , هكذا يقف الترام كجثة هامدة بلا حراك تصور أن يحدث هذا في أكثر من ترام . هكذا كان شد السنجة يعني الثورة وكانت عفاف تفكر بقوة في أن تشد سنجتها الخاصة ولكن أين هي ؟ لو عرفت لدمرتها ببساطة .
- المعجون لا يعود للأنبوب أبدا مهما حاولت , وقد خرج المعجون كل شيء يقول هذا مهما تظاهر النظام ورجاله أن المعجون باق للأبد
- إن من ثاروا أشبه بشخص استطاع أن يستنبت نبتة نادرة واهنة وهو يخشى أن يستلبه أحدهم إياها أو يدوس عليها أو يهشمها وهكذا يستمر الغليان والتوتر
- تذكر وجوه دحديرة الشناوي . خطر له أنه من القسوة أن تطالب هؤلاء بتحمل أعوام أخرى من المعاناة والبؤس  . في الوقت نفسه يشعر أن الكلام سهل وأن إشعال حماس الجماهير هين . فقط من يشعلون حماس الجماهير لا يحدث لهم شيء أبدا ولا يفقدون أرواحهم أو عيونهم  . إن حروف لفظة ثوروا هي خمسة حروف يمكن أن تكتبها في خمس ثوان وتنام راضيا عن نفسك
- علمته تجارب شبابه أن لا شيء يحدث أبدا والحق لا ينتصر أبدا   ودماء من يموتون تذهب هباء والغد أسود من اليوم دائما فهل حان الوقت لهذه العقيدة المشئومة أن تزول ؟

1 تعليقات

  1. أنا لم أقرأ له قبل ذلك، ولكن دعيني أعلق عن نقله لمرارة الواقع. هو بذلك لا متعنا و لا نفعنا فنحن نغيش المرارة كل يوم فهل نحتاج للمزيد، نعرف طعمه ونعرف طريقة أعداده وكل شئ عنه، فلماذا التكرار؟! لأن حتي عقولهم نضبت وعجزت عن نقل واقع به بصيص من الأمل وكأننا ليس علينا أن نأمل حتي من رواية.

    رائع يا ياسمين أن تنقلي لنا ما قرأتي!

    ردحذف

رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته