عندما شاهدت خطبة الشيخ السعودي محمد العريفي التي ألقاها في مسجد عمرو بن العاص تذكرت موضوعات التعبير في المدرسة   ,  قلت لنفسي لو كتب  أي تلميذ جزءا من هذه الخطبة في امتحان الإنشاء لحصل على الدرجة النهائية .
 ولذلك  لم أفهم سبب الاحتفاء المبالغ فيه بالرجل , فكل ما ذكره عن تاريخ وثفافة وعلم مصر وفضل المصريين على الشعوب العربية كلام يبدو جميلا ولكن إن تأملته ستجده  مكررا ومعادا  فلقد سمعناه و
قرأناه  حتى  مللنا ومنه حتى أصبح مبتذلا
 
هناك من يقولون  أن سبب فرحة الناس بكلام العريفي هو أنه حاول أن يعيد الثقة للمصريين في أنفسهم ويذكرهم بتاريخهم وحضارتهم وأنا أرى أن مشكلة مصر لا تكمن  في انعدام ثقة المصريين في أنفسهم  . المصريون يعرفون قيمة أنفسهم جيدا وهذا ما جعلهم يثورون على السلطة التي لا تحترمهم وتريد وضعهم في ذيل قائمة الأمم  ولكن مشكلة مصر الحقيقة  تمكن  في السلطة التي حكمت البلد من خمسة شهور والتي تفتقر   الرؤية والقدرة على إدارة البلد وإخراجها  من النفق المظلم الذي تمر به .
  هناك من يقولون  أن العريفي يستحق الشكر لأنه أعاد   الأمل في قلوب المصريين بتبشيرهم بالاستثمارات التي ينوي التجار الخليجين إقامتها هنا ولأنه قام بدعوة المستثمرين العرب من أجل وضع أموالهم في مصر لأن مصر أولى من سويسرا وألمانيا . وأنا أرى كلام الرجل مضحكا فأنا لا أتصور أن هناك مستثمر عاقل يمكنه أن يسحب أمواله من دولة غريبة ويأتي لوضعها في دولة مثل مصر فقط لأن العريفي دعاه لذلك . فكلنا نعلم أن أي مستثمر لا يهمه إلا أن يستفيد ماديا وأنا لا أتصور أن الوضع السياسي المضطرب الذي تمر به مصر يمكن أن يشجع أي شخص على إقامة أي مشروع .
أخذ العريفي يدعو المصريين للتوقف عن التنافس والتكالب على المناصب والبحث عن المصالح الشخصية  . وكنت سأحترمه   لو كان سمي الأشياء بمسمياتها ووجه نصيحته  للإخوان المسلمين على وجه التحديد  لأنهم من يقومون بكل هذه الأفعال التي ذكرها  فهم المنشغلون عن إدارة البلد بالسعي وراء تحويل مصر للعزبة الخاصة بالجماعة وهم من أصدروا الإعلان الدستوري الديكتاتوري الذي تسبب في أزمة سياسية كبيرة وبعدها الإضرار على تمرير دستور لا يعبر عن كل المصريين .  
 ولكن العريفي تجاهل كل ذلك  بحجة انه لا يحب الكلام في السياسة ولا يفهم ثم  ناقض نفسه وتحدث في السياسة بتكراره  الأسطوانة المشروخة التي تقول أن هناك مؤامرات تحاك ضد مصر بدون أن يذكر لنا مصدر معلوماته أو تفاصيل هذه المؤامرات المزعومة .
لا أعرف الدافع وراء وجود العريفي في مصر في هذا التوقيت بالذات ولست متأكدة من صحة الإدعاءات التي تقول أن الإخوان المسلمين هم من استقدموه لتحسين صورتهم  أمام الناس  . ولكنني أضحك على  من  يقولون أنه جاء  لينشر  فكره الوهابي في مصر فالوهابية انتشرت وتغلغلت في العقل المصري بالفعل من وقت طويل جدا  . و ربما يكون انتشارها  هو  التفسير الوحيد   لاحتفاء عدد كبير من المصريين بالعريفي ودفاعهم عنه ضد هجمات المثقفين عليه  .

0 تعليقات