عندما قررت أن أقاطع الاستفتاء على الدستور تصورت نفسي  من الأقلية لأني رأيت حشد هائل من جانب التيار  الإسلامي لحث  الناس للتصويت بنعم  من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية بينما قامت القوي الثورية والتيارات المعارضة كذلك بدعوة الناس للنزول والتصويت بلا  من أجل منع تمرير دستور الإخوان  .
ولكني فوجئت  عندما قرأت أن  ثلاثين في المائة فقط من الناس استجابوا لهذه الدعوات بينما جلس سبعون في المائة في بيوتهم مثلي وقرروا أن يقوموا بدور المتفرجين على هذه المسرحية التي تجمع بين الكوميديا والتراجيديا .
السؤال هو لماذا قرر أغلبية الشعب  مقاطعة الاستفتاء ؟
 
السبب بالنسبة لي هو إني رأيت أن صوتي ليس له فائدة لأنني لا أثق في السلطة التي تقوم بالاستفتاء وأعلم جيدا أنها ستقوم بعمل كل الحيل والألاعيب    من أجل تمرير الدستور فلقد أحل الإخوان وشيوخهم وتابعيهم التزوير في الاستفتاء   ظنا منهم أنهم يفعلون ذلك لوجه الله ومن أجل تطبيق شريعته . فرأيت أني لو نزلت فسأعطي شرعية مزيفة لهذا الاستفتاء الذي يقام على دستور تم التعجل في كتابته من أجل إنقاذ الرئيس من فخ الإعلان الدستوري   .
ورغم أنني لم أسأل من لم يشاركوا في الاستفتاء عن سبب امتناعهم إلا أنني أتصور أنهم عادوا يشعرون بنفس مشاعر  الإحباط واليأس واللامبالاة , التي كانت تتملكهم أيام نظام مبارك وعادت بعد الثورة  بصورة أقوى  . لقد  صدق الناس لفترة وهم أن الإخوان يعملون لصالح مصر ثم اكتشفوا أنهم يعملون لصالح  أنفسهم فقط  كما كان  مبارك يعمل لصالح نفسه وأولاده وشبكة مصالحه , وأدركوا أن الديمقراطية والحرية والعدالة و الشريعة الإسلامية كلها شعارات براقة يستخدمها حواة السياسة لخداع الشعب والاستيلاء على الحكم .  فعاد لهم نفس الشعور القديم بالشك في جميع القوي السياسية الحاكمة والمعارضة وقرروا الانكفاء على أنفسهم والتزام بيوتهم وتوفير مجهودهم فهم يعلمون   النتيجة محسومة قبل أن تبدأ المباراة أصلا .
لا أعتقد أنه لا أحد في مصر سوى الإخوان يصدق أن الشعب أختار هذا الدستور بإرادته الحرة وأغلبيته لم يهتم بالتصويت أصلا  .  مشكلة الإخوان ليست الكذب ولكن أنهم يصدقون أكاذيبهم .

0 تعليقات