الجزء الثاني من غزوة الصناديق
سأحكي تجربتي الأولى والوحيدة مع الاستفتاءات عندما قررت أن أشارك في استفتاء مارس 2011 . سعادتي بالثورة جعلتني أقاوم الكسل لأني ظننت أني سأشارك في تقرير مستقبل بلدي . تحملت الوقوف لساعات طويلة رغم أني كنت مريضة وفرحت عندما اكتشفت أن الواقفين معي ينوون التصويت بلا . وازدادت ثقتي في نتيجة التصويت عندما عرفت أن كل من أعرفهم أنهم صوتوا بلا . ولذلك أصبت بصدمة قوية عندما اكتشفت أن النتيجة كانت نعم باكتساح .
في البداية كنت في حالة إنكار فتصورت أن هناك تزويرا قد حدث ولكن عندما تأملت الأمر جيدا فهمت أني كنت مثل أشخاص كثيرون حياتهم الضيقة جعلتهم يظنون أن سكان الحي الراقي الذي يسكنون فيه يمثل مصر ويظنون أن كل الناس تفكر مثل أصدقائهم ولكن الحقيقة أن أغلب المصريين لا يسكنون في الأحياء الراقية وليسوا من مستخدمي الفيس بوك وتويتر , و إنما يتواجدون في النجوع و القرى والعشوائيات والمناطق الشعبية التي تعاني من الفقر ونقص الخدمات والتطرف والجهل والفهم الخاطئ للدين . هذا ليس استخفاف أو استهزاء بالبسطاء وإنما هو إقرار للواقع الذين يدركه الإخوان والسلفيون ويستغلوه جيدا لصالحهم . فكلنا نعلم قوة الشعور الديني لدي المصريين واقتناع نسبة كبيرة منهم بكلام الشيوخ أن حل مشاكل مصر يكمن في تطبيق الشريعة الإسلامية وبالتحديد الحدود . وكلنا نعلم أيضا كيف تم إساءة استخدام الشريعة الإسلامية على مر التاريخ الإسلامي لصالح السلاطين والملوك الطغاة ولكن الشعب المصري الذي يكره القراءة يجهل ذلك . ولذلك فنحن أمام أحداث الجزء الثاني من مسلسل غزو الصناديق والتي سينتج عنه إعطاء مزيد من الشرعية والقوة لحكم الجماعة . فلو كانت قيادات الجماعة لديها ذرة من الشك أن الدستور القادم سيتم رفضه لما وافقوا على إلغاء الإعلان الدستوري وإلغاء تحصين اللجنة التأسيسية .
أما قوي الثورية فما زالت ترتكب نفس أخطائها القديمة وهي التشرذم والتشتت والتردد وغياب التنظيم . فجبهة الإنقاذ ظلت قبل التصويت في حيرة بين المقاطعة والتصويت بلا . في حين لم يضيع الإخوان وقتهم فنزلوا للشارع سريعا وقاموا بحملات لحث الناس على التصويت بنعم .
واليوم بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاستفتاء نجد المعارضة مترددة للمرة الثانية بين الموافقة على نتائج الاستفتاء في المحافظات التي قالت لا وبين التشكيك في نزاهة الاستفتاء والدعوة لمقاطعة المرحلة الثانية .
السؤال ليس هل سيوافق الشعب على الدستور فنحن نعلم سلفا أنهم سيقولون نعم .
ولكن السؤال هو ماذا ستفعل القوى الثورية بعد أن يتم إقرار الدستور ؟ هل حضروا أنفسهم للمعارك القادمة ؟ هل وضعوا أي خطط لمواجهة دستور الإخوان ؟ أم سيكتفون بالندب واللطم على مواقع التواصل الاجتماعي والخروج في وقفات احتجاجية ثم الانشغال في معارضة قرار حديد يأتي به مرسي وجماعته .
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته