قصة قصيرة :حوار مع النفس
وأخيرا عادت إلى منزلها بعد أن أنتهى يوم أخر من أيام عملها الممل ,اليوم وجدت الشقة خالية على غير العادة بسبب سفر والديها وأخواتها لعدة أيام ولكنها لم تشعر بالحزن لوجودها وحدها فربما تكون هذه فرصة لها للتمتع بهدوء لن تنعم به كل يوم .
توجهت بخطوات متثاقلة إلى غرفة نومها لتغيير ملابسها ولكن التعب الشديد دفعها إلى الإرتماء على السرير من أجل الحصول على بعض الراحة لبضع دقائق قبل أن تكمل بقية روتين يومها,بعد أن شعرت براحة بسيطة في جسدها أستدرات لكي تهم بالوقوف فوجدت نفسها أمام المرأة الكبيرة المواجهة لسريرها فدفعها الفضول إلى النظر إليها من أجل تأمل وجهها والتأكد من تأثره بالتعب والإرهاق البدني الذي تعاني منه هذه الأيام .
اقتربت من المرأة تدريجيا حتى تتفحص كل جرء من وجهها بدقة , ولكنها أصيبت بصدمة كبيرة عندما نظرت إليه لقد بدا في المرأة وكأنه وجه سيدة تخطت الأربعين وليس فتاة لم تبلغ بعد الخامسة والعشرين . لقد فوجئت أن لون وجهها الأبيض الناضر قد تحول إلى لون أوراق الخريف وودعت الإبتسامة شفتيها ليحل محلها عبوس المكتئبين وارتسمت حول عينيها دائرتين لونهما الأرق باللون الأسود , وعلت جبهتها العريضة خطوط لا تظهر إلا لم تخلى عنهم الشباب و وعندما تأملت عينيها بدقة وجدت دموع خفية تنم عن حزن عميق تشع منهما , شعرت بأحباط شديد وبدأت التساؤلات تتلاحق على ذهنها لماذا أصيب وجههي بأعراض الشخيوخة قبل أن أصل إليها بسنوات ؟ لماذا لم تظهر هذه الأعراض إلا في تلك الأيام ؟ هل العمل هو السبب في ذلك , إذن لم تصب زميلاتي بهذه الأعراض المخيفة ؟ولكنها عندما فكرت قليلا اكتشفت أن مظاهر العجز الذي أصاب وجهها تلازمت مع الألام الجسدية التي أنتابتها مؤخرا وأحتارالطبيب في تفسير سببها فأعطاها مسكن لا تستطيع النوم بدونه , إنها من المؤكد أعراض الأكتئاب الذي بدأ يتسلل إلى حياتها تدريجيا ولكنها أستسلمت له كاستسلام المريض للموت .
همت سريعا بالوقوف لكي تهرب من النظر إلى وجهها الكئيب أكثر من ذلك , ولكنها لم تستطع الهرب من نفسها التي حاصرتها فأضطرت إلى الحديث معها قائلة :أعلم أنني مكتئبة ومحبطة ولكني لا أجد سببا واضحا لتلك الحالة فأنا في نظر كل من حولي فتاة محظوظة يتمنى كثيرون أن يعيشوا حياتي المترفة, فلقد وفر لي أهلي الأثرياء كل شىء تتمناه أي فتاة في سني , تعلمت في أفضل المدراس وألتحقت بإحدى أفضل الكليات وتخرجت فيها بتفوق وبعد إنهائي للدراسة الأكاديمية لم أعش معاناة العثور على وظيفة مثل بقية الشباب وإنما وجدت الوظيفة المرموقة جاهزة أمامي وبمرتب كبير وبعد شهور قليلة سأتزوج من ابن عمي الثري الذي تتمناه كل فتيات العائلة إذن لما أحزن وأكتئب ويهرب النوم من جفوني ما الذي أريده من الحياة بعد كل ذلك ؟
ولكن نفسها رفضت كلامها وبدأت تتحدث معها قائلة :
إلى متى ستظلين تكذبين علي وتخدعيني , إلى متى سترسمين على وجهك إبتسامة السعادة أمام الأخرين رغم أنك في الواقع أبعد الناس عنها , لماذا تخافين الكشف عن مخاوفك وألامك أمامي لم تتفنين في الهروب مني كلما حاولت مواجهتك ؟
في تلك اللحظة انفجر من عينيها بركان من الدموع وأتجه سريعا إلى وجهها الشاحب وملؤه كما تملأ مياه الأمطار الصحراء الجرداء . بعد دقائق قليلة توقفت الدموع عن الإنهمار وتحولت إلى قطرات صغيرة لامعة على وجهها الشاب .
بعد أن نفست عن ألمها وحزنها بتلك الدموع الغزيرة ادركت أنه لا مفر من قيامها بمواجهة صريحة مع نفسها التي بادرتها بالحديث قائلة :
توجهت بخطوات متثاقلة إلى غرفة نومها لتغيير ملابسها ولكن التعب الشديد دفعها إلى الإرتماء على السرير من أجل الحصول على بعض الراحة لبضع دقائق قبل أن تكمل بقية روتين يومها,بعد أن شعرت براحة بسيطة في جسدها أستدرات لكي تهم بالوقوف فوجدت نفسها أمام المرأة الكبيرة المواجهة لسريرها فدفعها الفضول إلى النظر إليها من أجل تأمل وجهها والتأكد من تأثره بالتعب والإرهاق البدني الذي تعاني منه هذه الأيام .
اقتربت من المرأة تدريجيا حتى تتفحص كل جرء من وجهها بدقة , ولكنها أصيبت بصدمة كبيرة عندما نظرت إليه لقد بدا في المرأة وكأنه وجه سيدة تخطت الأربعين وليس فتاة لم تبلغ بعد الخامسة والعشرين . لقد فوجئت أن لون وجهها الأبيض الناضر قد تحول إلى لون أوراق الخريف وودعت الإبتسامة شفتيها ليحل محلها عبوس المكتئبين وارتسمت حول عينيها دائرتين لونهما الأرق باللون الأسود , وعلت جبهتها العريضة خطوط لا تظهر إلا لم تخلى عنهم الشباب و وعندما تأملت عينيها بدقة وجدت دموع خفية تنم عن حزن عميق تشع منهما , شعرت بأحباط شديد وبدأت التساؤلات تتلاحق على ذهنها لماذا أصيب وجههي بأعراض الشخيوخة قبل أن أصل إليها بسنوات ؟ لماذا لم تظهر هذه الأعراض إلا في تلك الأيام ؟ هل العمل هو السبب في ذلك , إذن لم تصب زميلاتي بهذه الأعراض المخيفة ؟ولكنها عندما فكرت قليلا اكتشفت أن مظاهر العجز الذي أصاب وجهها تلازمت مع الألام الجسدية التي أنتابتها مؤخرا وأحتارالطبيب في تفسير سببها فأعطاها مسكن لا تستطيع النوم بدونه , إنها من المؤكد أعراض الأكتئاب الذي بدأ يتسلل إلى حياتها تدريجيا ولكنها أستسلمت له كاستسلام المريض للموت .
همت سريعا بالوقوف لكي تهرب من النظر إلى وجهها الكئيب أكثر من ذلك , ولكنها لم تستطع الهرب من نفسها التي حاصرتها فأضطرت إلى الحديث معها قائلة :أعلم أنني مكتئبة ومحبطة ولكني لا أجد سببا واضحا لتلك الحالة فأنا في نظر كل من حولي فتاة محظوظة يتمنى كثيرون أن يعيشوا حياتي المترفة, فلقد وفر لي أهلي الأثرياء كل شىء تتمناه أي فتاة في سني , تعلمت في أفضل المدراس وألتحقت بإحدى أفضل الكليات وتخرجت فيها بتفوق وبعد إنهائي للدراسة الأكاديمية لم أعش معاناة العثور على وظيفة مثل بقية الشباب وإنما وجدت الوظيفة المرموقة جاهزة أمامي وبمرتب كبير وبعد شهور قليلة سأتزوج من ابن عمي الثري الذي تتمناه كل فتيات العائلة إذن لما أحزن وأكتئب ويهرب النوم من جفوني ما الذي أريده من الحياة بعد كل ذلك ؟
ولكن نفسها رفضت كلامها وبدأت تتحدث معها قائلة :
إلى متى ستظلين تكذبين علي وتخدعيني , إلى متى سترسمين على وجهك إبتسامة السعادة أمام الأخرين رغم أنك في الواقع أبعد الناس عنها , لماذا تخافين الكشف عن مخاوفك وألامك أمامي لم تتفنين في الهروب مني كلما حاولت مواجهتك ؟
في تلك اللحظة انفجر من عينيها بركان من الدموع وأتجه سريعا إلى وجهها الشاحب وملؤه كما تملأ مياه الأمطار الصحراء الجرداء . بعد دقائق قليلة توقفت الدموع عن الإنهمار وتحولت إلى قطرات صغيرة لامعة على وجهها الشاب .
بعد أن نفست عن ألمها وحزنها بتلك الدموع الغزيرة ادركت أنه لا مفر من قيامها بمواجهة صريحة مع نفسها التي بادرتها بالحديث قائلة :
أنت تعلمين أنك لست سعيدة بتلك الحياة المزيفة التي دأبت على الإفتخار بها أمامي ولن تصلين أبدا للسعادة لأنك عمياء عن سرها فكل الأموال والوظائف المرموقة لن تعطيك لحظة حقيقية من السعادة لأن السعادة تأتي من رضا الأنسان واقنتاعه بحياته التي أختارها بإرادته وأنت لم تختاري شيئا واحدا في حياتك لم تختاري وظيفتك ولا نوع دراستك و لا حتى زوجك المستقبلي فكل مفاتيح حياتك مملوكة في يد والديك و وظيفتك في الحياة منذ ولدت هو الطاعة العمياء لأوامرهما .
شعرت بأن ما تقوله لها نفسها هو عين الحقيقة فهي بالكاد تستطيع إختيار ملابسها وطعامها المفضل أما أي شىء أخر فلوالديها حق التدخل فيه .
قالت لنفسها باستسلام
- ومنذ أن تفتحت عيني على الحياة وجدت أني أتنفس بأوامر أبي وأمي وأرى الحياة بعيونهما وأسير في طريق الحياة الذي رسماه لي حسب رغبتهما ولذلك تعلمت أن ألغي الحوار وإبداء الرأي من قاموس حياتي حتى أعيش في سلام .
لا أستطيع أن أمحو من ذاكرتي المشهد الذي قامت أمي فيه غاضبة بتمزيق لوحاتي وإلقاء ألواني في القمامة في محاولة فاشلة منها لقتل موهبة الرسم في دمي لأنها أعتبرتها مجرد وسيلة سخيفة لتعطيلي عن الإستذكار والتفوق في الثانوية العامة أما مجرد التفكير في الألنحاق بكلية الفنون الجميلة كان يعد في نظرها جريمة بكل المقاييس وليت الأمر أقتصر على رفض الرسم و فلقد أنهت هي وأبي قصة الحب الجميلة التي جمعتني بزميلي في كلية الهندسة ورفضت رغبته في الزواج مني رغم قدرته على تحمل تكاليف المعيشة بسبب تفضيلها لابن عمي الثري الذي ينظر إلى الزواج كشىء مكمل لسيارته الفاخرة ومنزله الأنيق .
:في تلك اللحظة كشفت لها نفسها عن حقيقة أخرى قائلة
- وماذا كانت نتيجة استسلامك المتواصل لقرارت والديك المتسلطة لقد تركك من تحبين بعد أن أتهمك بالضعف وبسطحية مشاعرك نحوه لعدم إستعدادك للدفاع عن حبكما أمام تعسف والديك ورغم عجرك عن الرجوع إليه إلا أنك لا تزالين تكنين له مشاعر حقيقية وتبكين كلما تصورت نفسك متزوجة من غيره
أما الرسم فمازال حتى الأن يسيطر على حواسك والدليل على ذلك أنك تختسلين الزيارات للمعارض الفنية وتنظرين للوحات وتتخيلين نفسك صاحبتها و الكل يهنئك على عظمة لوحاتك كما أنك من حين إلى أخر تحاولين وضع خطوطك الساحرة على الورق في الخفاء كما لو كنت تقومين بعمل مشين لقد حولك والديك إلى إنسانة مسلوبة الإرادة ضعيفة الشخصية ضائعة الهوية ولكن رغم كل ذلك أيتها البائسة فليس قدرك أن تظل حياتك كئيبة للأبد بدليل قرارك بتخطي حاجز الخوف والدخول معي في مواجهة صريحة واعترافك أمامي بمخاوفك وأخطائك وألامك وما فعلتيه الأن هو أول خطوة لك في طريق السعادة .
:قالت لنفسها بأستغراب
كيف تحديثيني عن السعادة بعد أن حدثتك عن كل تلك المشاكل التي تعوق حياتي , لقد فات أوان التغيير وأصبح كل ماعلي فعله هو تنفيذ سيناريو الحياة البائسة الذي كتبه لي والدى أما أعترافي أمامك فهو ليس أكثر من مجرد وسيلة للبكاء على الأحلام الضائعة ولكن نفسها أعترضت على لهجتها اليائسة قائلة- سيناريو حياتك ليس قدرا محتوما وتستطيعين إعادة كتابته بيدك إذا أمتلكتِ الإرادة والعزيمة , أعطي لشمس الأمل فرصة لكي تنير عقلك , تحرري من يأسك وألمك , تحرري من رغبتك القاتلة في إرضاء والديك , أزيلي الغبار عن شخصيتك واتركيها تحلق كما هي مستقلة منفردة حرري عقلك من سحب الخوف والخضوع والتردد واجعليه هو القائد لسفينة حياتك والمتحكم الوحيد في إتخاذ قرارتك وأعلمي أنك قد تخطئين وتتعثرين عندما تبدئين في الإعتماد على عقلك وعلي فقط ولكن كل تجربة ستعلمك شىء جديد عن الحياة وعني وستسيرين بعد ذلك في الطريق الصحيح , اتصلي بحبك الوحيد وعبري له عن تمسكك به وإصرارك على إكمال الحياة بجانبه وأنت تعلمين أنه مازال ينظرك حتى الأن ولذلك فمن المؤكد أنه سينسى تخاذلك ويتفهم موقفك لا ترددي وألحقي بقطار الحب فالحب الصادق عملة نادرة .
حديث نفسها جدد مشاعر الحب في قلبها ولكن أثار داخلها مخاوف من رفض أهلها فهددتها نفسها هذه المرة قائلة :
- إذا استسلمت للخوف مجددا وأطعتي أهلك كالعادة فتضيع السعادة الحقيقية منك للأبد وستلاحقك التعاسة في حياتك مع ابن عمك الذي تبغضيه وتتظاهرين بقبولك له إرضاء لأهلك , واجهي والديك قفي أمامهم بصلابة دافعي عن الحياة التي ترغبين بها وأقنعيهم بمميزات حبيبك عبري لهم بصراحة عما يجيش بصدرك فعلى الرغم من تعنتهم وقسوتهم فهو يحبوك ِ بشدة ويتمنون لك السعادة ولكن على طريقتهم , توقعي أن يصابوا بالصدمة من كلامك وقد يضغطون عليك ِ بالتهديد والمقاطعة ولكن إصرارك وتمسكك بموقفك الصائب سيهزم تسلطهم ويجعلهم يقبلون تدريجيا بالقرار المصيري الذي أردت إتخاذه .
رحبت بكلام نفسها الذي أدخل الشجاعة والإصرار والأمل في قلبها واقتنعت به وترسخ في عقلها وصممت على تنفيذه مهما كانت العواقب فتلك الفرصة لن تأتيها إلا لمرة واحدة و سعادتها تستحق المخاطرة , قررت أن تزيل قناع الجبن والخضوع واليأس لكي تواجه الحياة بشخصيتها الحقيقية التي حاولت فاشلة إخفائها عن الأخرين من أجل إرضائهم ولذلك فقد قررت أن تفعل كل ما تريد بدون تردد , ستطلق العنان للرسامة المختبئة في داخلها بل ستفخر بها أمام الجميع حتى تصبح رسامة كبيرة كما تريد وستواجه والديها وتصارح حبيبها بحقيقة مشاعرها وستعيش حياتها بصدق وتستمتع بكل لحظة فيها .
مجرد تفكيرها في تنفيذ تلك الخطط أعطاها شعور بالإنتعاش لم تختبره من قبل في حياتها , لأول مرة تبدأ في تنفس أولى نسمات السعادة بعد أن ساعدتها نفسها على طرد شبح الخوف لكي تعيش حياة جديدة , تحدثت مع حبيبها وطلبت منه التقدم لخطبتها وعندما جاء والديها من السفر طلبت الحديث معهم , لم يصدقا أن من تتحدث معهم هي ابنتهم فرفضوا وهددوا وقاطعوا وحاولوا بيأس تفنيد حججها المقنعة وبعد عدة أيام أعيتهم المناقشة فقال لها والدها بغضب أنتِ حرة
شعرت بأن ما تقوله لها نفسها هو عين الحقيقة فهي بالكاد تستطيع إختيار ملابسها وطعامها المفضل أما أي شىء أخر فلوالديها حق التدخل فيه .
قالت لنفسها باستسلام
- ومنذ أن تفتحت عيني على الحياة وجدت أني أتنفس بأوامر أبي وأمي وأرى الحياة بعيونهما وأسير في طريق الحياة الذي رسماه لي حسب رغبتهما ولذلك تعلمت أن ألغي الحوار وإبداء الرأي من قاموس حياتي حتى أعيش في سلام .
لا أستطيع أن أمحو من ذاكرتي المشهد الذي قامت أمي فيه غاضبة بتمزيق لوحاتي وإلقاء ألواني في القمامة في محاولة فاشلة منها لقتل موهبة الرسم في دمي لأنها أعتبرتها مجرد وسيلة سخيفة لتعطيلي عن الإستذكار والتفوق في الثانوية العامة أما مجرد التفكير في الألنحاق بكلية الفنون الجميلة كان يعد في نظرها جريمة بكل المقاييس وليت الأمر أقتصر على رفض الرسم و فلقد أنهت هي وأبي قصة الحب الجميلة التي جمعتني بزميلي في كلية الهندسة ورفضت رغبته في الزواج مني رغم قدرته على تحمل تكاليف المعيشة بسبب تفضيلها لابن عمي الثري الذي ينظر إلى الزواج كشىء مكمل لسيارته الفاخرة ومنزله الأنيق .
:في تلك اللحظة كشفت لها نفسها عن حقيقة أخرى قائلة
- وماذا كانت نتيجة استسلامك المتواصل لقرارت والديك المتسلطة لقد تركك من تحبين بعد أن أتهمك بالضعف وبسطحية مشاعرك نحوه لعدم إستعدادك للدفاع عن حبكما أمام تعسف والديك ورغم عجرك عن الرجوع إليه إلا أنك لا تزالين تكنين له مشاعر حقيقية وتبكين كلما تصورت نفسك متزوجة من غيره
أما الرسم فمازال حتى الأن يسيطر على حواسك والدليل على ذلك أنك تختسلين الزيارات للمعارض الفنية وتنظرين للوحات وتتخيلين نفسك صاحبتها و الكل يهنئك على عظمة لوحاتك كما أنك من حين إلى أخر تحاولين وضع خطوطك الساحرة على الورق في الخفاء كما لو كنت تقومين بعمل مشين لقد حولك والديك إلى إنسانة مسلوبة الإرادة ضعيفة الشخصية ضائعة الهوية ولكن رغم كل ذلك أيتها البائسة فليس قدرك أن تظل حياتك كئيبة للأبد بدليل قرارك بتخطي حاجز الخوف والدخول معي في مواجهة صريحة واعترافك أمامي بمخاوفك وأخطائك وألامك وما فعلتيه الأن هو أول خطوة لك في طريق السعادة .
:قالت لنفسها بأستغراب
كيف تحديثيني عن السعادة بعد أن حدثتك عن كل تلك المشاكل التي تعوق حياتي , لقد فات أوان التغيير وأصبح كل ماعلي فعله هو تنفيذ سيناريو الحياة البائسة الذي كتبه لي والدى أما أعترافي أمامك فهو ليس أكثر من مجرد وسيلة للبكاء على الأحلام الضائعة ولكن نفسها أعترضت على لهجتها اليائسة قائلة- سيناريو حياتك ليس قدرا محتوما وتستطيعين إعادة كتابته بيدك إذا أمتلكتِ الإرادة والعزيمة , أعطي لشمس الأمل فرصة لكي تنير عقلك , تحرري من يأسك وألمك , تحرري من رغبتك القاتلة في إرضاء والديك , أزيلي الغبار عن شخصيتك واتركيها تحلق كما هي مستقلة منفردة حرري عقلك من سحب الخوف والخضوع والتردد واجعليه هو القائد لسفينة حياتك والمتحكم الوحيد في إتخاذ قرارتك وأعلمي أنك قد تخطئين وتتعثرين عندما تبدئين في الإعتماد على عقلك وعلي فقط ولكن كل تجربة ستعلمك شىء جديد عن الحياة وعني وستسيرين بعد ذلك في الطريق الصحيح , اتصلي بحبك الوحيد وعبري له عن تمسكك به وإصرارك على إكمال الحياة بجانبه وأنت تعلمين أنه مازال ينظرك حتى الأن ولذلك فمن المؤكد أنه سينسى تخاذلك ويتفهم موقفك لا ترددي وألحقي بقطار الحب فالحب الصادق عملة نادرة .
حديث نفسها جدد مشاعر الحب في قلبها ولكن أثار داخلها مخاوف من رفض أهلها فهددتها نفسها هذه المرة قائلة :
- إذا استسلمت للخوف مجددا وأطعتي أهلك كالعادة فتضيع السعادة الحقيقية منك للأبد وستلاحقك التعاسة في حياتك مع ابن عمك الذي تبغضيه وتتظاهرين بقبولك له إرضاء لأهلك , واجهي والديك قفي أمامهم بصلابة دافعي عن الحياة التي ترغبين بها وأقنعيهم بمميزات حبيبك عبري لهم بصراحة عما يجيش بصدرك فعلى الرغم من تعنتهم وقسوتهم فهو يحبوك ِ بشدة ويتمنون لك السعادة ولكن على طريقتهم , توقعي أن يصابوا بالصدمة من كلامك وقد يضغطون عليك ِ بالتهديد والمقاطعة ولكن إصرارك وتمسكك بموقفك الصائب سيهزم تسلطهم ويجعلهم يقبلون تدريجيا بالقرار المصيري الذي أردت إتخاذه .
رحبت بكلام نفسها الذي أدخل الشجاعة والإصرار والأمل في قلبها واقتنعت به وترسخ في عقلها وصممت على تنفيذه مهما كانت العواقب فتلك الفرصة لن تأتيها إلا لمرة واحدة و سعادتها تستحق المخاطرة , قررت أن تزيل قناع الجبن والخضوع واليأس لكي تواجه الحياة بشخصيتها الحقيقية التي حاولت فاشلة إخفائها عن الأخرين من أجل إرضائهم ولذلك فقد قررت أن تفعل كل ما تريد بدون تردد , ستطلق العنان للرسامة المختبئة في داخلها بل ستفخر بها أمام الجميع حتى تصبح رسامة كبيرة كما تريد وستواجه والديها وتصارح حبيبها بحقيقة مشاعرها وستعيش حياتها بصدق وتستمتع بكل لحظة فيها .
مجرد تفكيرها في تنفيذ تلك الخطط أعطاها شعور بالإنتعاش لم تختبره من قبل في حياتها , لأول مرة تبدأ في تنفس أولى نسمات السعادة بعد أن ساعدتها نفسها على طرد شبح الخوف لكي تعيش حياة جديدة , تحدثت مع حبيبها وطلبت منه التقدم لخطبتها وعندما جاء والديها من السفر طلبت الحديث معهم , لم يصدقا أن من تتحدث معهم هي ابنتهم فرفضوا وهددوا وقاطعوا وحاولوا بيأس تفنيد حججها المقنعة وبعد عدة أيام أعيتهم المناقشة فقال لها والدها بغضب أنتِ حرة
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته