مازلنا نتحدث عن أسرار الإبداع من خلال كتاب الإبداع: سيكولوجية الاكتشاف والاختراع لعالم النفس ميهالي سيسكزيتنت الذي أقدم لكم ترجمة مختصرة للفصل الأخير منه. وفي الجزء الرابع من هذه السلسلة نتحدث عن كيفية استغلال الطاقة الإبداعية لحل المشاكل التي تواجهنا في الحياة.

إذا كانت لديك العادات والأفكار والسمات الشخصية المناسبة فإن الطاقة الإبداعية لديك سوف تبدأ في التدفق فورًا،  ويجب عليك التفكير في كيفية استغلال هذه الطاقة لحل المشاكل في الحياة اليومية.

المبدعون دائما في حالة دهشة، إنهم لا يفترضون أنهم يفهمون ماذا يدور حولهم، إنهم يطرحون الأسئلة حول الأمور التي تبدو بسيطة وظاهرة للعيان ليس لمجرد المعارضة ولكن لأنهم يرون العيوب قبل الآخرين، إنهم قادرين على الشعور بالمشاكل وتحديدها قبل بقية الناس.

إذا استطعت أن تكون مبدعًا في حياتك اليومية فإنك سوف تغير الطريقة التي ترى بها العالم.

العثور على المشاكل أمر مهم لأنه يساعدنا على اكتشاف المشاكل التي تؤثر في حياتنا بدون أن نلاحظها. ولكي تستطيع حل المشاكل بطريقة إبداعية، اتبع النصائح التالية

اعثر على طريقة للتعبير عن مشاكلك


المشاكل الإبداعية عادة ما تنشأ من النواحي المهمة في الحياة لشخصية للفرد. فمن الملحوظ أن كثير من الأشخاص الذين غيروا العالم كانوا يتامى.

 فقدان أحد الوالدين يؤثر بشدة على الإنسان ولكن أين يكمن هذا التأثير تحديدًا؟ هل يكمن في الحزن أم الإحساس بالمسئولية أو التعلق الشديد بالوالد الذي لا يزال على قيد الحياة، فقدان أحد الوالدين يؤدي إلى الإحساس بألم شنيع في البداية ثم الاكتئاب ومع الوقت يختفي هذا الشعور أم يظهر تأثيره بشكل غير واعي.

هناك مشاكل أخرى تؤثر على حياة المرء مثل الفقر، التهميش، المرض والوحدة ولكنك لن تستطيع معرفة ما هي المشكلة التي تعاني منها إلا إذا حددتها، والخطوة الأولى هو معرفة مصدر ألمك وتحويله إلى مشكلة محددة قابلة للحل.

انظر إلى المشكلة من زوايا متعددة


بعد أن تحدد المشكلة حاول أن تراها من زوايا مختلفة، جزء من الطريقة التي تحدد بها المشكلة هو السبب.

 عادة ما نعتمد على تحيزاتنا المسبقة في تحديد سبب المشاكل، فعندما نختلف مع شريك حياتنا فإننا عادة ما نفترض أننا على حق والطرف الآخر مخطئ، هذا الأمر قد يكون صحيحًا في بعض الأحيان، لكن في معظم الحالات فإن الطرفان مخطئان، ومن المهم أن نفهم السبب الذي يدفع كل طرف لاتخاذ موقفه من الآخر.

 المبدعون لا يتسرعون في تحديد المشاكل، ولكنهم ينظرون إلى الحالة من زوايا عديدة ويؤجلون صياغة المشكلة بعد أن ينظروا إلى الأسباب، ويختبرون حدسهم حول ما يحدث ويطابقونه مع الواقع، يجربون حلول مؤقتة ويختبرون نجاحها ولكنهم منفتحون لإعادة صياغة المشكلة إذا أظهرت لهم الأدلة أنهم يسيرون في الطريق الخاطئ.

إذا أردت أن تتدرب على العثور على المشاكل، توقف عندما تشعر أن أمامك مشكلة وقم بصياغتها في جملة ثم اعكس هذه الجملة.

مثلا، إذا حصل زميلك على ترقية قبلك فمن الممكن أن تحدد المشكلة بهذه الطريقة " لم أحصل على الترقية لأن رئيسي لا يحبني".

جرب بعدها أن تعكس الجملة " لم أحصل على الترقية لأنني لا أحب رئيسي".

أسأل نفسك هل هذا التحديد للمشكلة صحيح ولو بشكل جزئي؟، فكر في أسباب أخرى لحدوث المشكلة، ربما لم تحصل على الترقية لأنك لا تهتم بعملك كما يجب أو لأنك كنت تتعرض لضغوط في المنزل أثرت بالسلب على أدائك في العمل. ربما كل هذه الأسباب صحيحة، وربما يكون عدم حصولك على الترقية ليس مسئوليتك، وربما تقرر أن الحصول على الترقية ليست مشكلة من الأساس.

ربما يكون الأمر فرصة لك لكي تقضي وقتًا أكبر في المنزل وتتعلم شيئًا جديدًا أو أن تضع طاقتك في شيء مختلف. ربما تدرك أن المشكلة أن طموحك وحبك للتنافس جعلك تركز على الحصول على الترقية أكثر من التركيز على أداء عمل جيد.

في هذه الحالة، فإن فشلك في الحصول على الترقية بدلا من أن يكون مشكلة قد يكون الخطوة الأولى لحل مشكلة أكبر.

تحديد طبيعة مشاكلك ومعرفة أسبابها يساهم في تغيير نظرتك إلى ماضيك ومساعدتك على التصرف في المستقبل، المبدعون أقل صرامة في حياتهم من بقية الناس لأنهم يتوقفون ويفكرون في طيف واسع من الأسباب لتفسير ما يحدث لهم وبالتالي يكون أمامهم مدى واسع من الاختيارات لحلها.

فكر في حلول للمشكلة

بعد أن قمت بتحديد المشكلة فكر في بدائل لحلها، الحلول لمشاكل بسيطة مثل مشكلة  الترقية يعتمد على طريقة تحديدك للمشكلة والأسباب التي أدت إلى وجودها.

المبدعون يبحثون عن بدائل متعددة لحل مشاكلهم حتى يستقرون على الحل الأمثل. عندما تتوصل إلى حل جيد حاول أن تفكر في الحل المعاكس.

مهما كانت قدرتك على التفكير جيدة فإنك لن تصل إلى الحل المناسب بمجرد التفكير، لذا عليك أن تجرب حلول متنوعة وتقارن بين النتائج بسرعة.

نفذ الحلول بطريقة مرنة



التوصل إلى حلول إبداعية للمشاكل يتطلب المراجعة والتجريب.

كلما جعلت خياراتك مفتوحة لمدة أطول، كلما صارت الحلول مبتكرة ومناسبة. الرسامون الذين يقومون بعمل أصيل يغيرون أسلوبهم في الرسم أثناء العمل لأنهم يتعلمون من لوحاتهم، فيجعلونها أقل توقعًا وأكثر ابتكارًا. إنهم مستعدون للتعامل مع الأشياء الغير متوقعة وقادرين على التوصل إلى حلول فنية أفضل عندما تظهر أمامهم.

الكتاب المبدعون دائمًا يشرعون في كتابة قصة بدون التفكير في نهايتها. النهاية المناسبة عادة ما تظهر عندما يتبعون منطق القصة.

بإمكانك تطبيق هذه الحلول الإبداعية على حياتك اليومية عن طريق التفكير في الحلول بطريقة مرنة وتعديل ما تقوم به إذا تغيرت الظروف.

السبب الوحيد الذي يجعل معظم الناس يطبقون الحلول الروتينية الجاهزة لمشاكلهم هو أن تلك الحلول تتطلب منهم مجهودًا أقل.

نحن لا نستطيع أن نكون مبدعين طوال الوقت؛ لأننا بهذه الطريقة سوف نستنفذ طاقاتنا وقدراتنا على الانتباه فننهار.

الحلول الروتينية توفر علينا المجهود ولكن في بعض الأحيان يبدو مناسبًا أن نفكر في 
حل مبتكر إذا كنا نحتاجه وإذا كان لدينا القدرة على بذل المجهود للتوصل إليه.

0 تعليقات