هناك اعتقاد شائع أن الإبداع يتطلب من المرء أن يبذل مجهودا ذهنياً متواصلاً، وأن يطيل التفكير ويشحذ كل قدراته العقلية حتى يستطيع أن يصل إلى الأفكار المبتكرة.
كنت أصدق هذا الاعتقاد حتى خضت مجال الكتابة الأدبية، واكتشفت أن الإبداع لا يعتمد على المجهود الذهني المباشر، ولكنه يعتمد عل قدرة المبدع على الموازنة بين المجهود الواعي وبين المجهود الذي يقوم به العقل الباطن بدون وعي من الإنسان.
 لقد لاحظت أنني عندما أجلس أمام المكتب وأفكر ملياً وأعصر ذهني أجد نفسي عاجزة تماماً عن التوصل إلى أي فكرة مبتكرة.
على العكس، اكتشفت أن أفضل الأفكار تأتيني دائماَ عندما لا اتعمد التفكير، وعندما أكون في حالة استرخاء تام خصوصا عندما أكون تحت الدُش.
عندما قرأت عن الإبداع اكتشفت أن كثير من الناس يتوصلون إلى الأفكار تحت الدش وأن هناك تفسيرا علمياً لهذه الظاهرة.
لقد اكتشف الباحثون أن مفتاح الإبداع يكمن في مادة كيميائية اسمها الدوبامين.
   هذه المادة يفرزها الدماغ وهي مسئولة عن كثير من الأحاسيس منها المتعة والسعادة، ولقد اثبتت الدراسات العلمية أن افراز الدوبامين يسهل التفكير الإبداعي والتوصل إلى حلول مبتكرة للمشاكل.
عندما يكون المرء تحت الدش فإن عقله يتوقف عن التفكير المنطقي الواعي، ويكون في حالة استرخاء تام تحت المياه الدافئة والصابون المعطر مما يساعد المخ على افراز الدوبامين.
 نفس الحالة تحدث عندما يمارس المرء الرياضة أو التأمل أو يستمع إلى الموسيقى المحببة إليه، ويكون في حالة مزاجية جيدة مما يساعد عقله الباطن على التفكير بحرية وربط الأشياء ببعضها وحل المشاكل المستعصية.
 هذا يعني أنك كلما ركضت وراء الابداع كلما ازددت ابتعاداً عنه.
 الابداع يتطلب شخص هادئ وصبور وواثق من نفسه لأن القلق والخوف يخنق الإبداع، الإبداع مثل عصفور رقيق يتطلب منك أن تدعه يطير كيفما يشاء وليس أن تحاصره.
إذا كنت تريد أن تتوصل إلى أفكار إبداعية أو إذا عجزت عن حل مشكلة تواجهك في عملك لا تضغط على عقلك بالتفكير المفرط، حاول أن تضع نفسك في حالة استرخاء سواء بأخذ حمام دافئ أو بممارسة رياضة المشي.
اترك لعقلك حرية التفكير بدون حدود أو قيود واحضر معك دفتر لتدوين كل ما يخطر على ذهنك وسوف تندهش من النتيجة.

0 تعليقات