جاءتني من عدة أيام رسالة من أحد القراء يطلب مني مساعدته في كتابة المقالات والخواطر. رغم أني لا اعتبر نفسي كاتبة مخضرمة إلا أني لم أشأ أن أبخل عليه بخبرتي المتواضعة في الكتابة, وبدلا من أن أقدم النصيحة له فقط فضلت أن أنشرها في شكل مقال حتى تعم الفائدة على جميع القراء. كل شخص يملك رأيًا خاصًا به يعتقد أن بإمكانه التعبير عنه في شكل مقال بسهولة وتلقائية ولكن الحقيقة أن النجاح في كتابة مقال جيد  يعتمد على موهبة المرء في التعبير عن نفسه وأراءه بالإضافة إلى مخزونه الثقافي وحبه للبحث والمعرفة .
كتابة المقال ليست عميلة عشوائية ولكنها عملية منظمة ومرتبة تعتمد على المرور بعدة مراحل حتى تستطيع الخروج بمقال جدير بالقراءة.
مرحلة الاعداد:
 الفكرة :

الفكرة هي البذرة الأولى لأي عمل إبداعي , لكي تمسك الورقة والقلم وترغب في الكتابة لابد أن تكون هناك فكرة تدور في رأسك و تزعجك و تلح عليك حتى تخرجها للعالم, إذا كنت لا تملك فكرة جيدة  بإمكانك البحث عنها حولك , مصادر الأفكار كثيرة ولا حصر لها.
معظم الكتاب يستقون مقالاتهم من عناوين الأخبار ولكن يجب عليك الانتباه إلى أن  فالمقالات المرتبطة بالأخبار تنتهي صلاحيتها بعد سقوط الخبر من ذاكرة الناس,  لذا عليك التنويع في مصادر أفكارك والحديث عن موضوعات متنوعة  صالحة  للقراءة في أي وقت.
- لا تكتب في موضوع معين لأنه شائع أو لأن كل الناس تتحدث عنه حتى لو كان تافها   اكتب في الموضوعات التي تشغلك وتهمك والتي تراها خطيرة ومؤثرة على المجتمع وترى أنها ستحفز القراء على التفكير والتغيير.
-من المهم أن تبحث عن الأفكار الجديدة والمميزة, 
لكن حتى لو كانت فكرتك قديمة وتم طرحها تداولها من قبل فإن طريقتك في عرضها وتقديمها هو الذي سيجعلها جديرة بالقراءة.
دعم رأيك  بالمعلومات :


- قوة المقال تعتمد على قوة الحجة التي يقدمها الكاتب للقراء, لذا ,لابد أن  تدعم المقال بالحقائق والمعلومات, من حسن الحظ أننا تعيش في عصر الانترنت حيث مصادر البحث مجانية ومتاحة للجميع. عيب الانترنت أنه مليء بمعلومات مزيفة ومغلوطة لذلك يجب أن تنتبه أثناء البحث وألا تعتمد على الوكيبديا فقط أو على مواقع مغمورة مشكوك في صحتها , ألجأ إلى الكتب و والمراجع العلمية إذا توافرت لديك, لا تستسهل الكتابة وابذل مجهودًا في البحث ولا تهمل أي معلومة تصادفك لأنها تخالف معتقداتك, اسع وراء المعلومة الصحيحة قبل أن تكتب أي شيء حتى لا تضلل القارئ.
- اجمع أهم المعلومات التي حصلت عليها ثم قم بتلخيصها وضعها في ملف واحد. بعد أن تقرأها فكر جيدا في الموضوع وتأمله من جميع جوانبه ثم أسأل  نفسك. ما هدفك من كتابة هذا الموضوع و ما الذي تريد أن تقوله  بالتحديد ؟
بعد أن تتوصل إلى الإجابة ستكون مستعدا للدخول في مرحلة الكتابة.
 مرحلة الكتابة :
أبدأ بكتابة عنوانا مبدئيا للمقال,احرص أن  يكون العنوان جذابا ومعبرا عن الموضوي.
 - اكتب بشكل سريع النقاط التي تريد طرحها  في شكل رؤوس مواضيع ثم اشرح  كل نقطة باستفاضة.
اطلق لنفسك العنان لكتابة كل ما يخطر بعقلك بحرية وصدق بدون التفكير في رد فعل القراء, انغمس في الكتابة بشكل تلقائي لو لم تكن  الأفكار تخرج من عقلك بطريقة مرتبة.
- لا تقلق إذا تعثرت في الكتابة. توقف قليلا وفكر فيما تريد أن تقوله, شكل العبارات في ذهنك ثم عد لكتابتها .
اقفز خارج الصندوق
ليس من الضروري أن تتبع الأسلوب التقليدي في كتابة مقال مكون من مقدمة ووسط وخاتمة مثل موضوعات الانشاء فهناك أساليب عدة لكتابة المقال,  من الممكن أن تضع بدلا من المقدمة قصة  تمهد الفكرة للقارئ, من الممكن أن تبدأ المقال باقتباس له علاقة بالموضوع ومن الممكن أن تدخل في الموضوع  مباشرة بدون مقدمات.
- لا تقلد أحدا, لابد أن  يكون لك أسلوبك الأدبي الخاص وطريقتك الخاصة في التعبير عن أفكارك, وهذا الأسلوب  سينشأ لديك بعد الممارسة والتدريب المستمر على الكتابة. 

اجعل أسلوبك جذابا للقارىء
- ابتعد عن الأسلوب المقعر والعبارات المفخمة, اجعل أسلوبك سهلا وسلسا حتى تستطيع أن تجذب القارئ لك.
- ابتعد عن الثرثرة و الدخول في موضوعات فرعية ليس لها علاقة بموضوع المقال الأساسي حتى لا يشعر القارئ بالملل.
 -ابتعد عن استخدام ألفاظ خارجة ومبتذلة أو عبارات ركيكة.
-ابتعد عن الخطابة والوعظ, أنت لست مدرسا والقارئ ليس طفلا, القارئ أذكى مما تتخيل. اترك المعلومات والحقائق التي تضعها في المقال تتحدث بنفسها واترك للقارئ  حرية الاستنتاج والوصول إلى النتيجة والمضمون بنفسه.
 - بعد أن تنتهي من كتابة المقال ستشعر بالحماس وستنتابك رغبة عارمة في نشره مباشرة.
ارجوك لا  تفعل ذلك.


 ضع المقال جانبا لعدة ساعات ثم عد إليه معندما تكون مستعدا للدخول في المرحلة الثالثة والأخيرة.
مرحلة المراجعة :

عندما تبدأ في مراجعة المقال ستندهش من كم الأخطاء  اللغوية والنحوية والاملائية الموجودة فيه.  هذا الأمر طبيعي لأنك عندما تكتب يكون كل تركيزك منصبا على التعبير وليس على اللغة والإعراب. لكن في مرحلة المراجعة لابد أن يكون تركيزك منصبا على ترتيب المقال وتصحيحه وتقديمه بأفضل صورة. 
-راجع المقال اكثر من مرة ففي كل مرة ستراجع فيها المقال ستكتشف أخطاءًا جديدة لم تلاحظها في المرة السابقة .
-قم بحذف أي عبارة مكررة أو زائدة واحرص على الالتزام بقواعد النحو والإملاء و علامات الترقيم, وإذا وجدت المقال ضعيفًا, قم بإعادة صياغته حتى تشعر بالرضا عنه.
-اقرأ المقال للمرة الأخيرة وبعد أن تطمئن أنه بلا شوائب أو أخطاء بإمكانك نشره على بركة الله  على موقعك أو مدونتك  وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
مراحل كتابة المقال قد تبدو طويلة أو صعبة لك إذا كنت كاتبا مبتدئا. ولكن بمرور الوقت وتكرار الكتابة ستصبح هذه المراحل سهلة وبديهية بالنسبة لك, فالبراعة في الكتابة لن تهبط عليك من السماء فجأة, ولكنها  تأتي من تراكم الخبرات الناتج عن القراءة وممارسة الكتابة بشكل مستمر.

1 تعليقات

رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته