الشعور بالخواء 

ما أصعب   أن تكون   شخصا   مرهف الحس في هذه الحياة   لأنك  ستجد  نفسك  دوما تتألم بسرعة وتتألم أكثر من باقي الناس وتتألم لأشياء عديدة    .

يؤلمك أن تتوالى  سلاسل الاستبداد  وتتغير  أسماء المستبدين   ويبقى الاستبداد على حاله.

يؤلمك أن يقٌتل   من يستحق الحياة ويعيش من يستحق القتل وأن يٌسجن من يستحق الحرية ويتمتع بالحرية من يستحق السجن  .

يؤلمك أن يتحول الوطن إلى مقبرة لأبنائه  و يتحول البشر إلى أرقام  في نشرة الأخبار ثم  إلى سلعة يتم المتاجرة  بها من أجل الحصول على مكاسب دنيوية رخيصة   .

يؤلمك أن تصير  حقوق الإنسان الأساسية   هي أقصى أحلامه  وأن تصير   أبسط مقومات الحياة  الآدمية  رفاهية  لا يحصل عليها إلا المحظوظين  .

يؤلمك  شعورك بالضعف والعجز عن التأثير    فأنت    تتكلم و لا أحد  يستمع لك   , تبكي و لا أحد يتأثر بدموعك   ,تصرخ ولا أحد ينتبه  لصراخك   ,حتى عندما تختفي   لا يشعر أحد  باختفائك لأن لا أحد يشعر بوجودك من الأساس  .    

 تشتد وطأة   الألأم عليك حتى   تفوق قدرتك عن الاحتمال  وتجعلك تتمني  الموت
تستيقظ في يوم من الأيام  فتكتشف أن الأخبار السيئة    لم تعد  تثير داخلك أي قدر من الألم أو الحزن أو حتى التأثر    .
 لقد قام جهاز مناعتك  بتخديرك وتجميد مشاعرك   حتى يحميك من الموت كمدا .
 في البداية   تظن أنك ستتمكن  من العيش  في سلام  وهدوء بعد أن انتقلت  من حالة الإحساس 
القوي إلى حالة التبلد المريحة,ولكنك  تكتشف تدريجيا  أن الذبول الذي أصابك حول قلبك إلى إناء فارغ  من كل المشاعر الإنسانية وسلب منك القدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة الصغيرة مثل   الضحك  من القلب و  استنشاق  رائحة طعام أمك الشهي  و الاستمتاع بالسكر في الحلوى والملح في الطعام وتأمل  زرقة السماء في نهار مشمس وبريق النجوم في ليلة صافية . 

تتطلع إلى  صورك القديمة  فتحن   إلى ذلك الإنسان   الذي كان لديه قلبا ينبض وينتفض ويتحرك .
 وفجأة يزول مفعول المخدر وتعود لك مشاعرك القديمة بعنف     فتتسرب أنهار   الدموع  من 
عينيك    حتى  يشتد عليك الألم مجددا     فتسارع بالهروب   إلى  منطقة الخواء وتستسلم لها     حتى تعتاد على البقاء فيها .

1 تعليقات

  1. وأنا أعيش دائما في هدا الصراعما بين إنسانيتي وما بين الإحتماء من الألم!!

    ردحذف

رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته