نوستالجيا

الحنين إلى الماضي 

 النوستالجيا هو مصطلح يوناني يستخدم   لوصف الحنين للماضي  وأصل الكلمة يشير للألم  الذي  يعانيه  الإنسان  بسبب حنينه للعودة لبيته وموطنه  وخوفه ألا يتمكن من العودة إليه أبدا  .و كلنا  نشعر كثيرا    بهذا الحنين الجارف للماضي   والرغبة في العودة لأيام الطفولة    .

  أتذكر أنني في  أيام  طفولتي  كنت أعيش في  حالة ملل دائم  من الذهاب   للمدرسة يوميا والاستذكار والخضوع للامتحانات  ولذلك كنت   أتمني بشدة  أن أكبر بسرعة  ظنا مني أن الحياة الحقيقية تبدأ بعد الدراسة ,  ولكن الكبار من حولي كانوا دوما  يضحكون علي ويقولون لي أنني عندما أكبر سأتمنى العودة  إلى أيام الطفولة وسأدرك  أنها كانت أجمل أيام حياتي   .

كنت أظن  أنهم يقولون ذلك لأن  طفولتهم كانت مسلية وجميلة وليست مضجرة كطفولتي  .  مرت  الأيام والسنوات  وكبرت و وجدت مشاكلي تكبر معي وتزداد تعقيدا وصرت أشاهد الأيام والسنوات تمر  بسرعة البرق  فلا أستطيع اللحاق بها  ,و بدأت أجد نفسي رغما عني أحن لتلك الأيام التي كنت أتوق للخلاص منها يوما ما  فأدركت أن الكبار كانوا محقين . 

الحنين للماضي  ليس حنينا  بالضرورة لأيام زمان نفسها   ولكنه حنين  لأنفسنا  لفطرتنا الأصيلة  ,للشخصية التي خلقنا بها قبل أن نتعرض لتجارب مؤلمة ونصاب بعقد نفسية و   قبل أن يلوثنا المجتمع و يجعلنا نتخلى عن ما يميزنا .

إنه الحنين للزمن  الذي كنا نري فيه العالم  مكان سحري جميل مدهش مثير للاستكشاف والاستطلاع .  

إنه حنين للزمن  الذي كانت فيه أحلامنا بسيطة لدرجة السذاجة  وسعادتنا في متناول أيدينا  .

  كما أن هذا الحنين يخفي داخله شعورا  بالندم لأننا لم نقدر أيام طفولتنا حق قدرنا   وتصورنا أن السعادة تكمن في المستقبل في عالم الكبار .

هذا الحنين ربما يشكل لنا مهربا من الواقع  ولكن الإفراط فيه يؤدي بنا إلى ارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبناه عندما كنا صغارا وهو الاعتقاد  أن السعادة تكمن في زمن  أخر  في حين أننا لا يمكن   أن نحصل عليها إلا في الحاضر  .

الماضي والمستقبل كلاهما موجود  في عقولنا  فقط  أما الشيء الوحيد الذي يمكننا  أن نراه ونلمسه  فهو الوقت الحالي ,ويجب أن نستمتع به  الآن قبل 
أن نتحسر عليه في المستقبل . 

إذا أعجبتكم مقالاتي فيمكنكم طلب خدماتي بسهولة من خلال موقع خمسات
https://khamsat.com/writing/copywriting/