حرية التعبير 

لقد كان شعار الثورة المصرية " عيش , حرية , عدالة اجتماعية " .

  لم نحصل على العيش الكريم ولم تتحقق العدالة الاجتماعية   ولكن يمكننا أن نقول أن  الحرية تحققت   , فحرية التعبير والإعلام  أصبحت أعلى كثيرا مما كانت عليه قبل  الثورة ولم تعد هناك موضوعات محظورة   أو شخصيات ممنوع الاقتراب منها  .

ولكن هذه الحرية جاءت معها أثار سلبية لأن مفهوم البعض عن حرية التعبير هو أن تقول كل ما يحلو لك من كلام مهما كانت بذاءته  ,   فأصبح من الطبيعي جدا أن ترى مقال  يحتوى على ألفاظ عامية مبتذلة أو  تلميحات رخيصة  ثم  انتقلت عدوى  الحرية للتليفزيون فأصبحنا نرى باسم يوسف يجلس وينطق بألفاظ خادشة للحياء والجمهور يضحكون عليه ويصفقون له تشجيعا له على جرأته وصراحته في " التعبير " ,  وأصبحنا نجد بعض من يطلقون على أنفسهم شيوخ يسبون ويلعنون ويخوضون في الأعراض بدون خجل .

وسرعان ما انتقلت عدوى " الجراءة " للمسلسلات الدرامية   فمن يشاهد مسلسلات هذا العام سيلاحظ أن عددا كبيرا منها يحتوي على ألفاظ خادشة للحياء وشتائم مقذعة .
كتاب هذه المسلسلات يتحججون بأن استخدامهم للشتائم هو نوع من الأمانة في نقل الواقع باعتبار أن كثير من المصريين يتحدثون بتلك الطريقة   .
كما إنهم  يطالبون بعمل تصنيف عمري للمسلسلات بحيث أن يُمنع مشاهدتها على الأطفال   حتى يطلقون لعقولهم العنان في  كتابة "حواراتهم  الجريئة "  ."
أولا من أخبر هؤلاء الكتاب أن  الكبار يستمتعون  بالسب  واللعن والبذاءة ؟
ثانيا  ,صحيح  إن بعض الناس  يستخدمون  تلك  هذه الألفاظ وربما أسوأ منها في  تعاملاتهم اليومية  ولكن هناك أيضا نسبة لا بأس بها من الناس  يحفظون ألسنتهم عن السباب  ويفضلون التأدب في الحديث مع الآخرين .
  استخدام الشتائم في الدراما و الإعلام  لا يهدف إلا للترويج   للبذاءة والابتذال وللعدوانية والعنف اللفظي في التخاطب لأنه  يوحي للناس  أن الشتيمة  هي نوع من الجراءة بينما هي في الحقيقة نوع من الوقاحة.
 كما أن من يظن أن هذه  المسلسلات الجريئة  واقعية مخطئ    فالمصريين    في الحقيقة لا يعيشون في قصور  فاخرة ولا يركبون سيارات على أحدث طراز  ولا يشربون الخمور .
 كما أن هناك  كثير من الحقائق المؤلمة في حياة المصريين لا ينقلها من يتشدقون   بالواقعية لأنها ليست " مسلية " من الناحية الدرامية أو  ليست" مثيرة للجدل " .
وأخيرا من يتحجج بأن استخدام الألفاظ  الخارجة  مقبول في الدراما  الأمريكية والأوروبية   أذكره أن  في  تلك الدول  توجد  أيضا  سينما إباحية فهل  سيأتي اليوم الذي ننقل فيه تلك  السينما  لمصر    تحت شعار الحرية ؟؟
 إذا كانت هذه هي الحرية فربما من  الأفضل لنا أن نعود لعهد الرقابة والاستبداد .



0 تعليقات