يُحكى أن رجلًا  ذهب للطبيب النفسي وأخبره أنه مكتئب بشدة وأنه يرى أن الحياة قاسية وغير عادلة , و لا يفهم كيف يمكن أن يقضي الإنسان حياته بدون توتر أو قلق , وهو  يخشى أن تتدهور حالته النفسية بصورة أكبر ولا يعرف ماذا يفعل.
رد الطبيب النفسي على الرجل بأنه يرى علاجًا  يمكن أن يساعده في التخفيف من كآبته ألا وهو الضحك , ونصحه بالذهاب إلى نادي الكوميديا وأوصاه بأن يشاهد رجلا  يلقب " بملك الضحك " , حينئذ  انفجر الرجل باكيًا  ورد على الطبيب
"  المشكلة أنني  ملك الضحك ".
 تذكرت تلك القصة بعد أن عرفت أن روبين ويليامز وهو  واحد من أهم ممثلي الكوميديا في العالم  توفى منتحرا, استولت  علي الصدمة بعد أن عرفت بانتحاره وتساءلت لماذا ؟   لماذا  يقرر ملك الضحك   أن يشنق  نفسه ؟ لماذا يغادر الحياة وقد أعطته الحياة كل شيء يتمناه أي إنسان ؟, ولكن صدمتي زالت بعد أن عرفت  أنه كان يعاني قبل أن يتوفى   من اكتئاب حاد ومن  مرض الباركنسن أو الشلل الرعاش.
معظم الناس يعتقدون أن فناني الكوميديا هم أشخاص سعداء لأننا عادة ما نربط بين السعادة والمرح و لكن  العكس هو الصحيح, عمن يقرأ عن حياة أكبر فناني الكوميديا سيكتشف أن أغلبهم عاشوا طفولة معذبة وعانوا ماديا وكثير منهم أصيب بأمراض نفسية ولكنهم لجئوا للعمل في الكوميديا لأنه اعتقدوا أن الضحك يمكن أن يعالج آلامهم .
 المثال الأكبر للمعاناة فناني الكوميديا في مصر هو الكوميديان  العظيم  إسماعيل ياسين الذي  لا يزال يضحكنا حتى الآن بأفلامه الممتعة رغم أن حياته كانت سلسلة من المآسي, فلقد توفت  والدته وهو طفل  وعاني من معاملة زوجة أبيه القاسية كما عاني ماديا  لفترة طويلة حتى نجح في التمثيل واستطاع أن يحتل عرش الكوميديا  في مصر ولكن بعد سنوات انحسرت عنه الأضواء فأغلق مسرحه وعاد للعمل كمنولوجسيت ومات مكتئبا حزينا على نفسه.
     ليس من الغريب أن يكون فناني الكوميديا  الذين يصدرون لنا السعادة والبهجة    أشخاص  تعساء للغاية,فهم  ينجحون في إضحاكنا لأن المعاناة علمتهم  أن أكثر الأشياء المضحكة في الحياة في جوهرها مآسٍ مؤلمة, الكوميديان الموهوب  ينجح في إقناع  الناس أنه شخص سعيد, لكنه في الحقيقة يستخدم ابتسامته كقناع لإخفاء أحزانه  عن الآخرين. 

0 تعليقات