كنت قديما  أرى  الاكتئاب  زائرا  ثقيل  الظل  يعشق الحزن ورثاء الذات  واليأس واللون الأسود والظلام  ,ويكره المرح والضحك والتفاؤل والحماس .
كنت أراه  عدوا   جاء ليسلب مني حب  الحياة ويعطلني عن النجاح
كان الاكتئاب يزورني  عندما كنت صغيرة  ليقول لي
 الحياة تبدو جميلة وآمنة ولكنها مكان محفوف بالمخاطر  تقوم أعمدته على المآسي  والآلام والعذاب   .
  الحياة تبدو منظمة ومنطقية  ولكنها في الحقيقة تٌحكم بالفوضى والعبث والظلم  .
    الحب والسعادة   سراب   ,   البشر أبشع من الحيوانات المفترسة   .النجاح لا  يستحق السعي ورائه  لأنه ليس إلا  لحظة تمر بك بسرعة  قبل أن تستطيعين  الاستماع بها   .
كنت أرفض كلامه و أصم أذني حتى لا أستمع إليه   وأحاول تصديق  كلام المتفائلين من حولي   .
مرت الأيام  وكبرت وزالت عني براءة  الطفولة وتبدت أمامي حقائق الحياة القاسية بالتدريج   .
وجدت مجهودي يذهب هباءً   ورأيت أحلامي تهرب مني ثم اكتشفت أنها كانت أوهاما   .
حاولت التأقلم مع الواقع ولكني وجدت الواقع يزداد ضيقا وقسوة حتى يرفضني .
وكلما تعرضت  لصدمة جديدة  من الحياة  أنزوي على نفسي فأجد الاكتئاب يزورني  ويبتسم لي بانتصار ويقول لي
 ألم أقل لك أن طريقك مسدود ؟ لماذا لم تستمعين  لي وتوفرين جهودك ؟
 إن هذه ليست حياة  , إنها جحيم يراه السذج جنة  , توقفي عن تلك المحاولات والعابثة اطلبي من الله أن يخلصك من هذه الدنيا
كنت أصر  على معاندة الاكتئاب والمضي في المحاولة   حتى أثبت له أنه مخطئ .
 وفي كل مرة أتلقى فيها  صفعة جديدة تطرحني أرضا  أنهض وأعاود المحاولة
أقنع نفسي أنني سأجد طريقي وسأحقق النجاح  , و مع كل مرة أحقق فيها فشلا جديدا  تنسحب مني   الطاقة و تخور قواي    .
 أغُلقت الطرق وسدٌت الأبواب في وجهي
رأيت الضوء داخلي  يخبو وابتسامتي وحماسي وشغفي بالحياة  يهربون مني  إلى غير  رجعة  .
طرق  الاكتئاب بابي وذكرني بنصيحته القديمة .
 أخيرا  توقفت عن غلق بابي   و   تأملت  كلامه جيدا فاكتشفت أن كلامه المؤلم واقعي .
  صرت  أرحب به وصار يزروني في كل وقت و  صرنا أصدقاء لا نكاد نفترق حتى نعاود اللقاء .

0 تعليقات