انتهى شادي من ارتداء ملابسهثم وضع
نظارته الشمسية فوق عينيه و غادر شقته وهو
يختال بخطوات ثابتة واثقة .
قابله أحد جيرانه قبل أن يغادر العمارة فألقى
عليه السلام وكاد أن يصافحه ولكن شادي أومأ له برأسه بطريقة متكلفة كأنه نجم
سينمائي يحيي احد المعجبين به ,ثم ابتعد عنه سريعا حيث أنه يخشى الاختلاط بجيرانه خوفا من استغلالهم لعمله في
إحدىالوزارات الهامة حتى يطلبون منه خدمات لهم أو لأبنائهم.
أخرج لهالسائس السيارة من الجراج فركبها وخلال نصف ساعة كان في مقر عمله .
رفع الساعي يده لأعلي من أجل تحيته وأخذ يسأله عن صحته وأحوالهو هو يفتح له المكتب ,فبدا
عليه الامتعاض وأخبره أن وقت أثمن من أن يقضيه في الثرثرةو أمره
بإعداد فنجان قهوة سادة من أجله .
ضغط على زر التشغيل في الريموت كنترول الخاص
بالتكييفثم ألقى بجسده فوق كرسيه الوثير و أستسلملهوائه البارد المنعش الذي ملأ مكتبه الصغير في ثوان.
فتح الكمبيوتر وجلس يحدق في شاشته بترقب وبمجرد أن ظهرت أمامه عبارة
Welcome to Windows
ارتسمت على وجهه ابتسامة متحمسة .
دخل على موقع الوزارة الذي يشرف عليه
حتى يطمئنأنه يعمل بدون مشاكل .
شعربالامتنان لأنه للأسبوع الثاني على التواليلن ينشر أي أخبار جديدة على الموقع,فالأخبار المزيفة لا تستحق النشروالأخبارالحقيقية ممنوعةمن
النشر.
أغلق الموقع وهو يشعر بالرضي عن نفسهبعد أن انتهى من عمله .
أخفض من صوت الكمبيوتر , فتح ملف الألعابوضغط على أيقونة لدجاجة بيضاء سمينةترتدي صديري أزرق .
فرك يديه بنشاط عندما ظهرت أمامه رسوم متحركة لسرب من الدجاج الأبيض الطائريتجه صوب كوكب الأرض ويشن عليه هجوما غاشما بالبيض المفخخ بالقنابل .
المطلوب
منه أن يقتل الدجاج الطائر بالمدفع الرشاش بدون أن يصطدمبالبيض الذي يتساقط منه حتى لا يفجر مدفعه ويخرجه من اللعبة .
اللعبة مكونة من عشر مستويات وقد استطاع بالأمس
أن يصل للمستوى الثالث وهو يريد أن ينتهي اليوم من باقي المستويات , ولكن هذا يتطلب منه الكثير من المجهود و التركيز.
أخذ يرشف من فنجان القهوة بينما ظلت
عيناه تتأرجحان بين الدجاج الذي يطلق
نقيقهويفرد أجنحته بسعادة في الفضاء والمدفع
الصغير القابع في أسفل الشاشة .
كانت عيناهتتسعان على أخرهماكلما نجح في التصويب على الدجاج وتحويله إلى بيض مقليوتضيقان كلما ارتطم البيض بالمدفع وقام بتدميره .
ظل يعيد
المحاولة عدة مرات حتى نجح أخيرا في إنهاء المستوى الرابع فضرب قبضته في الهواء
وأطلق صيحة الانتصار , ولكن الساعي أفسد عليه فرحته
عندما دخل عليه ليخبره أن المدير يريده لأن هناك اجتماعا هاما على وشك الانعقاد .
زفرفي ضيقثم ترك المكتب وتوجه إلى
قاعة الاجتماعات بخطوات سريعة .
جلس بجوار باقي الموظفين وعقد حاجبيه في جدية متظاهرا بالاهتمام وهو يرى المدير يتحدث عن الخطوات التي تنوي الوزارة اتخاذهاللقضاء على الإرهاب بينما
كان عقله مشغولا بأمر أكثر أهمية ألا وهو القضاء على ذلك الدجاج الخبيث بأسرع ما
يمكن .
بعد أن انتهى الاجتماع تنفس شادي الصعداء ثم هرع إلى مكتبه مسرعا وأعاد فتح اللعبة.
أمسك بالماوس بغيظثم أطلق الرصاصمن مدفعه على الدجاج حتى تمكن من حصده في ثوان
قليلة وأنهى المستوى الخامس , و لكن
قبلأن يتمكن من الدخول من
المستوى السادس دقت الساعة الثانية ظهرا و
حان موعد الانصراف .
عاد شادي إلى منزله وهو يشعر بتيبس في أصابعه و التهاب في عينيه بعد أن أجهد نفسهطوال اليوممن أجل إنقاذ كوكب الأرض .
جرت ابنته دينا عليهتعبيرا عن فرحتها بعودته فاحتضنها و قبلها
على جبينها ثم جاءت زوجته إيمان لترحب
بوصوله .
بعد أن غير ملابسهجلس مع زوجته
وابنته ليتناولوا الغداء في حجرة السفرة .
منحته دينا ابتسامة رقيقة ثم طلبت
منه أن يأخذها لتلعب في النادي بعد الغداء .
قطب شادي جبينه ثم دعك عينيه وتثاءب وهو يرد عليها
" مقدرش يا دينا. أنا
جاي تعبان من الشغلو عايز ارتاح ؟"
تطلعت دينا لأبيها باستغراب ثم هتفت
بحنق
" أنا نفسي أعرف هوايه الشغل المتعب اللي حضرتك بتعمله ده ؟"
امتقع وجه شادي بينما نهرت إيمان دينا وقالت لها
" بابا بيتعب في شغله جدا لأنه بيحارب الارهابين "
تهلل وجه دينا فرحا بعد أن اكتشفت
أن والدهامثل الأبطال الخارقين الذين
تشاهدهم في التليفزيون .
داعبها الفضول لكي تعرفالمزيد من
التفاصيلعن وظيفة أبيها فصاحت بحماس
" إزاي بتحاربهم يا بابا ؟ " .
تأفف شاديو رد عليها بنفاذ صبر
" مينفعش أقولكدي أسرار " ثم تركهاتسبح مع حيرتهاودخل حجرةنومه وهو يشعر بالخجل .
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته