ما فائدة أن أكتب وأحاول أن أدفع الآخرين للتفكير والتغيير إن كنت أعيش في مجتمع يكره أغلبية أفراده القراءة ؟ . 
 هذا السؤال شغلني لفترة طويلة ودفعني في مرات عديدة للتوقف عن الكتابة كليا فكثيرا ما أقول لنفسي    ما الذي يمكن كتابتي أن تفعله و أنا   أكتب في مدونة عدد زوارها مهما زاد  محدودا   .   كما أن هناك   ألاف الكتاب المشهورين  يعبرون عن نفس أفكاري ربما بطريقة أفضل ورغم ذلك  ظلت  كتابتهم محدودة التأثير لأن أغلب من يقرؤون لهم    ينتمون  للأقلية المثقفة المستنيرة التي لا تحتاج  التغيير . وبذلك فإن الكتاب يشبهون كثيرا  الذي يدعون للصراط المستقيم و الهداية في المسجد وسط المؤمنين المهتدين بالفعل  ,ولذلك لا  تحقق دعوتهم أي نتيجة لأن من يحتاجون لسماعها لا يذهبون للمساجد  .
 الكتاب  يفكرون ويشحذون عقولهم من عصور طويلة من  أجل  الأخلاق والقيم والحق والخير والجمال ,  ومع ذلك يزداد القبح والشر والظلم في العالم   .  ولذلك من الطبيعي أن يتساءل المرء   ما الذي يدفع الكتاب لمواصلة رسالتهم رغم يقينهم أن من يحتاج قراءة رسالتهم لن يقرأها ؟ .
 الإجابة التي توصلت لها بعد تفكير طويل هو  أن العدد الذي يقرأ لي ولغيري على قلته شديد الأهمية ,  لأن هؤلاء القراء قادرون على التأثير على  البسطاء ومساعدتهم على   نبذ الجهل وتصحيح المفاهيم الخاطئة له . ولو أستطاع الكتاب أن يؤثروا على واحد فقط من هؤلاء فإن هذا الشخص يوثر بالتالي  على المحيطين به , وهؤلاء الناس يؤثرون على غيرهم وبالتالي تتسع الدائرة  بالتدريج  .   كما أن تأثير الكتابة   يبدو في معظم الأحيان   تراكمي شديد البطء لدرجة أنه يبدو ضعيفا ومحدودا  في الظاهر  ,  ولكن نتائجه الحقيقية  تظهر  بعد مرور السنوات .   فمثلا اهتمام الناس بالمطالبة بحقوقهم  ونبذ الاستبداد والديكتاتورية    جاء نتيجة لسنوات طويلة من الكتابات التي نورت العقول وكشفت الحقائق وشجعت الناس على المطالبة بالتغيير .
  من المستحيل أن تنجح الأقلام الحرة في محو   الشر والجهل و الظلم  تماما ,  ولكن نجاحهم في محو  ولو جزء قليل منه  يعد إنجازا كبيرا يجعلني   أواصل الكتابة حتى لو أثرت أفكاري  في شخص واحد فقط .

0 تعليقات