قصة قصيرة :صدفة
جلس سامي ينظر لساعة يده ويتنفس في ضيق شديد نادما على موافقته على المجيء لهذا النادي . كان يشعر بالصداع كلما زار النادي لأنه أصبح يشبه الحضانة بسبب امتلائه بضجيج وصراخ بالأطفال .
أتصل به صديقه محمود على التليفون المحمول لكي يعتذر له عن التأخير لتعطل سيارته ووعده بالمجيء بعد ربع ساعة على الأكثر .
قرر سامي أن يصبر و يتحمل ضجيج النادي من أجل محمود ولكن هذا القرار تحداه صوت طفل انطلق في فضاء النادي بدون إنذار . استدار وراءه فوجد طفلا رضيعا يجلس في حضن أمه التي تهدهده برفق لتهدئه بدون جدوى .
تأمل الأم سريعا فشعر أن ملامح وجهها مألوفة لديه , وانتابه إحساسا قويا أنه رآها من قبل ولكنه لم يتمكن من تفسير أين ومتى وكيف .
أخيرا جاء محمود معتذرا مرة أخرى وشاكيا من سيارته التي تتعطل دائما وتعطل حياته . قال له ولا يهمك وتركه يتحدث عن هموم حياته ومشاكله في العمل ومشاكله مع خطيبته . كان طوال الوقت يتظاهر بالاستماع بينما كان عقله في حالة بحث في الذاكرة في محاولة لكشف لغز تلك السيدة .
كان يحول عينيه سريعا إلى الخلف ويختلس نحوها نظرات سريعة بدون أن تدري . وفجأة أضاء اسمها في ذهنه كالنجمة المضيئة في سماء ليل حالك السواد فشعر بالسعادة لانتصاره على النسيان, إنها دعاء بشعرها الأسود القصير وبشرتها الخمرية وعينيها الضيقتين . من الغريب إنه لم يتعرف عليها بسهولة رغم أنه لم يمر سوى ثلاث سنوات منذ أن زارها في بيت أسرتها .
قام بتحريك كرسيه ليكون في مواجهتها. كانت تمسك لعبة صغيرة و تحركها في وجه ابنها وتداعبه في سرور , بينما أوقف الطفل وصلة البكاء وأخذ اللعبة من أمه في هدوء . وكان هناك رجل يجلس على الكرسي المجاور يربت على ظهر الطفل برفق ففطن إلى أنه زوجها .
أدرك لماذا لم يتعرف عليها بسهولة . لقد تغيرت ملامحها فبدت أجمل وأكثر جاذبية مما كانت عليه عندما رآها أخر مرة . فسأل نفسه هل هي نفس الإنسانة التي تقدم لها ؟
كان حماس والديه لها شديدا فأسرتها محترمة حسنة السمعة وهي طيبة و متعلمة وعلى قدر لا بأس به من الجمال , ولكن كل تلك الصفات لم تبهره ولم تحرك مشاعره نحوها لأنه لم يكن يريد أن يتزوج من فتاة مقبولة الشكل و إنما يريدها أن تكون حسناء . استغرب والديه من عدم إعجابه بها وأكدا له أنه لن يجد فتاة في جمالها وأخلاقها , فألحا عليه حتى اقتنع بصعوبة , وفي النهاية قرأ والده الفاتحة مع والدها . مرور الوقت لم يغير مشاعره نحوها فأحس أنه سيظلمها لو تزوجها و لم يهمه جرح شعورها وأصر على تركها بعد شهر واحد فقط من قراءة الفاتحة .
ولكن لماذا تبدو الآن في عينيه غاية في الجاذبية والجمال ؟ هل الزواج والإنجاب أضفى عليها جمالا أم انه لم يرى جمالها في حينها ؟ .
فكر أنه لو تزوجها لكان هذا الطفل الذي أزعجه بكاءه هو طفله , ولكنه ما يزال في حالة بحث عن فتاة أحلامه حتى الآن .
توغل في التفكير لدرجة أنه لم ينتبه لكلام محمود معه وعندما أفاق من شروده ,وجد محمود يقول له "موافق أنك تشوف العروسة اللي حكيت لك عليها ؟ "
شعر بالخجل من أن يطلب منه تكرار الكلام فرد عليه بحماس مصطنع: طبعا موافق
2 تعليقات
أنت كاتبة كبيرة ومتكنة وإنسانة
ردحذفجادة ومثقفة أتمنى لك التوفيق
جميله
ردحذفرأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته