وصلت الفتاة  لمنزلها بعد يوم طويل من العمل , كانت تشعر بإرهاق شديد فدخلت حجرة نومها مباشرة و ارتمت فوق السرير ,لم تكد تتمدد حتى شعرت فجأة بألم حاد  في صدرها كأن هناك سكين حاد انغرس فيها  فتأوهت ثم شعرت بتنميل  في كتفها  ,  ازداد ألمها ثم بدأت حبات العرق تتصبب من رأسها وتتساقط  على وجهها ,صرخت لا إراديا  فدخلت عليها والدتها مفزوعة وسألتها عن ما بها وقبل أن تجيب أغمضت عينيها  وقالت لها " أشعر بألم شديد في صدري " ثم شلها الألم تماما فمنعها من
  إكمال الحديث, شعرت أنها ستموت في هذه اللحظة فانتظرت أن ترى شريط حياتها يمر أمامها 
 
 ولكنها لم ترى شيئا  , كان تعتقد  أنها ستشعر بالخوف لو جاءها الموت  ولكنها  شعرت بارتياح غريب له ,أحست أنها لو ماتت الآن سترتاح من كل ما يعذبها في الحياة  ,سترتاح من الذهاب يوميا لعملها الذي تكرهه ولكنها  تحتمله لأنها لا تجد أفضل منه , سترتاح من عبوس مديرها وتكبره عليها ومن نميمة زملائها , سترتاح من قلق أهلها عليها بسبب تأخر زواجها و من اضطرارها لمقابلة عرسان ينظرون لها كأنها سلعة ويتركوها بحثا عن عرض أفضل  , وسترتاح من شعورها بالوحدة وبالفشل ومن الخوف من المستقبل  ,لم تكن الفتاة  رغم معاناتها المستمرة  تسمح لنفسها بالتفكير في الانتحار بسبب خوفها من دخول النار   فلم تجد للصبر بديلا  ولكن بما أن الموت زارها فأهلا ومرحبا به , استسلمت له تماما فطلبت من الله أن يريحها من ألمها  ويأخذ روحها بسرعة فأطلقت صرخة واحدة ثم غابت عن الوعي تماما ثم رأت طاقة هائلة من النور الأبيض يملأ عينيها فتصورت أنها   إشارة لدخولها الجنة  فارتاحت نفسها   ولكنها  سمعت صوت صراخ وضجيج فانتفضت وظلت تحرك عينيها بحثا عن مصدر الصوت وعندما انتبهت له جيدا شعرت أنه مألوف بالنسبة لها ثم تعرفت عليه ,إنه صوت والديها وأخوتها  ,هل مات أهلها  أيضا أم أنها مازلت  على قيد الحياة ,عرفت الإجابة  عندما تحسنت رؤيتها فرأت والدتها تجلس بجوارها وعندما تلاقت عيناهما احتضنتها وأمسكت بيديها وظلت تقول لها حمد لله على السلامة لقد أصبتي بأزمة قلبية ولكنك نجيتي بمعجزة من الله , اكتشفت أن النور الأبيض الذي فرحت به كان نور غرفتها في المستشفى ,فشعرت بكآبة شديدة  لأنها  ستعود لحياتها  البائسة   بعد أن ظنت أنها  ستودعها للأبد  ثم أخذت تفكر  لماذا لم  يخلصها  الله من عذابها ويتوفاها  ,   وما هو الهدف من استمرار حياتها بهذا الشكل   ,أدركت أنها ستظل  بقية عمرها  تحاول الإجابة على هذا السؤال .

0 تعليقات