عريس لقطة 
بعد أن استلم سامح شهادته من كلية الحقوق بيوم واحد فقط  قررت  والدته  سمية     أن تبدأ رحلتها في البحث عن العروس المناسبة له   .
  وبعد  جلست مع نفسها  وفكرت مليا  توصلت  إلى أن هناك ستة شروط  أساسية لابد أن تتوفر في  سعيدة الحظ التي ستكون زوجة ابنها الحبيب
أولا :
   أن  تكون    من عائلة ميسورة الحال حتى لا تطمع في أموال  سامح  .
ثانيا :
أن   تجيد الانجليزية والفرنسية  إجادة تامة لأنها تريد أن يدخل أحفادها مدارس لغات ولذلك فمن الضروري أن تتقن أمهم اللغة حتى تتمكن من  مساعدتهم في المذاكرة   .  
ثالثا  
أن تكون بيضاء البشرة ذات شعر ناعم  اسود أو اصفر ( الأفضلية لذات الشعر  الأصفر ) وتكون رشيقة  ومتوسطة الطول  فلا يجب أن تكون قصيرة جدا ولا تكون أطول من سامح .
 رابعا
أن تكون  مؤدبة و  هادئة كالقطة السيامي  و مطيعة   كالكلب ويكون  والديها  أناس طيبين  ولا يحبون التدخل في حياة ابنتهم .
 خامسا
 أن توافق على عدم العمل حتى لا  يشغلها شيء عن  الاهتمام بسامح وبأولادهما.
سادسا
 أن   تجيد الطهي و عمل  الحلويات التي يحبها سامح وهي الكيك بالبرتقال والكنافة والبسبوسة .
كتبت الحاجة سمية   هذه الشروط في ورقة و وضعتها  في حقيبة يدها   ثم بدأت تسأل كل  من تعرفهم من السيدات إذا كانوا يعرفون  عروس مناسبة لسامح  فتعددت الترشيحات والأسماء  .

كانت الحاجة سمية تسأل جيدا عن عائلات العرائس  حتى تتأكد من حسن سمعتهم  ثم تصطحب معها  أختها ميرفت  وتذهب لزيارتهم حيث أنها قررت ألا تصطحب  سامح إلا بعد موافقتها على  العروس  .
  كانت تقوم بإجراء  امتحان طويل  للعروس مكون من أسئلة  عن حياتها وأحلامها وهوايتها حتى تكتشف إذا كانت  تملك المواصفات المطابقة   للشروط المذكورة  في الورقة  .
 ولكن للأسف كانت    سمية   تخرج من بيوت العرائس   محبطة    فلقد رفضت أول  عروس    بعد أن اكتشفت أنها لا  تعرف من فنون الطبخ إلا سلق المكرونة الأندومي  . و  رفضت الثانية   بعد أن اكتشفت أنها مصابة بالحول    .
ورفضت الثالثة  بعد أن  وضع والدها  رجله فوق  الأخرى  أمامها  , ورغم أن الرجل  اعتذر له بعد أن نبهته زوجته إلا أن الحاجة سمية اعتبرت أن ما فعله دليل تكبر   وبالتالي فهو لا يستحق  شرف مصاهرتها .
 مرت سنة كاملة دخلت فيها  سمية وأختها  أكثر من عشر بيوت وخرجت وهي تنظر بحزن لورقة الشروط  وتتساءل إذا هناك أملا في العثور على العروس التي تمتلك كل الشروط    .
في احدي الأيام  بينما  كانت  سمية تجلس    مع  صديقتها شاهندة  في النادي خطر ببالها  السؤال  الذي اعتادت أن تسأله لكل من تعرفهم  فوجهته لشاهندة لعل وعسي تجد طلبها عندها  .
سرحت  شاهندة قليلا ثم ألتفت إليها مبتسمة وأخبرتها     أنها تعرف  صديقة ابنتها  دعاء  وهي خريجة كلية التجارة  ومن عائلة طيبة ومحترمة   ,فوالدها يعمل  أستاذ بكلية الهندسة ووالدتها مديرة حسابات  في إحدى شركات القطاع الخاص  .
أخذت شاهندة تمدح في الفتاة وأكدت لسمية  أن دعاء  مثالية من كل النواحي لدرجة أنها تتمني   لو كان لديها ابنا   شابا  لكي يتزوجها .
انشرح قلب  سمية لوصف  شاهندة للفتاة وعلى الفور طلبت منها أن تتصل بأهل العروس وتخبرهم برغبتها في زيارتهم   يوم الجمعة القادم   .
و بعد يوم واحد  اتصلت بها شاهندة لتبشرها بموافقة أهل العروس وترحبيهم بالزيارة .
 ذهبت سمية و أختها ميرفت في الموعد المتفق عليه  لمنزل العروس فاستقبلهما والديها بترحيب شديد , وبعد دقائق دخلت عليها الصالون  فتاة   متوسطة الطول , بيضاء كأن بشرتها معجونة باللبن الرائب . عيناها في لون ورق الشجر    , انفها مستقيم ,  شعرها اصفر كأنه خيوط من الشمس  , رشيقة كعارضات  الأزياء  ,  ترتدي بلوزة زرقاء لامعة وعليها بنطلون أسود حريري  و   تحمل أكواب عصير البرتقال بين يديها  بينما  تزين  وجهها المستدير  ابتسامة خجولة هادئة .
بعد أن فحصت  سمية  دعاء     بعينيها القادرتين على كشف العيوب و إخراج النواقص    تيقنت أن  شاهندة لم تبالغ في مدحها  لها     .
ولكن إعجابها المبدئي بدعاء   لم يثنيها عن إخضاعها لامتحان القبول .
وبعد أن أجرت لها الاختبار  عرفت    أنها  خريجة مدارس لغات  وأنها موافقة على أن تجلس في البيت وأنها تجيد الطبخ وصنع  كل الحلويات الشرقية والغربية ,  فأطمأن قلبها وشعرت أنها تعبها  أثمر عن النتيجة التي تمنتها واتفقت مع أهل العروس على أن تزورهم بعد يومين مع ابنها سامح   .
و في اليوم المحدد  اصطحبت معها سامح لكي يتعرف على دعاء .
 عندما رأى سامح  دعاء تدخل عليه  اتسعت عيناه  من فرط الانبهار   وأخذ يحدق فيها طويلا كأنه لم ير فتاة في حياته من قبل   بينما أخذت أم دعاء  تحدق فيه بفضول   ثم سألته عن سر صمته.
فاجئه سؤالها وتلعثم قبل أن يقول لها   انه هادئ بطبعه   
ضحكت السيدة  على توتره ثم سألته عن عمره فرد عليها
- 30 سنة
- وبتشتغل محامي بقالك كم سنة
- من ست شهور  
-  هو أنت متخرج من كام سنة  
تصبب العرق من رأس سامح وهو يرد عليها قائلا " السنة اللي فاتت"   
وعندما رأى الصدمة على وجهها  اختلجت ملامحه وأطرق برأسه حرجا  .     لوت سمية  شفتيها في تبرم  ثم سألت أم دعاء  بغيظ 
-  هو انتي  ليه بتسأليه الأسئلة دي هو انتي  ناوية تشغليه عندك
ردت عليها أم  دعاء  بهدوء
- هو مش لو حصل نصيب هيبقى جوز بنتي ومن حقي إني اعرف عنه كل حاجة
- وهو انتي شايفانا جابين المأذون  معانا  دي مجرد زيارة للتعارف
 وهنا تدخل سامح وقال لوالدته
-  سيبيها يا ماما تسألني ,  أنا معنديش مشكلة .
 ثم التفت لأم دعاء وأخذ    يشرح لها  ظروفه  بسعة صدر   قائلا
 -  أنا قضيت  سنين كتيرة في كلية الحقوق لأنها كلية صعبة قوي زى ما حضرتك عارفة بس الحمد الله اتخرجت منها أخيرا وأنا دلوقتي بتدرب عند محامي كبير وإن الله  أتعين قريب  
-  بس مدام شاهندة قالت لنا إنك بتشتغل عند محامي كبير مش لسه بتدرب    انفعلت الحاجة سمية وردت عليها  بحدة
-  بيدرب ولا متعين يفرق معاكي في ايه هو انتي مش ليكي بنتك  يتصرف عليها  وتعيش كويس   
- وهو هيصرف عليها  منين  إن شاء الله   
-  والده الله يرحمه سايب له اللي يعيشه مستريح  .
  أخذ  والد  دعاء يراقب الحوار الدائر بين زوجته و الحاجة سمية بقلق خوفا من  أن تنقلب  الجلسة إلى مشاجرة  , و في النهاية  تدخل وقال  للحاجة سمية" ما شاء الله ربنا يزيدكم من نعيمه"  .
أرجعت الحاجة سمية  ظهرها للوراء و تطلعت  لسقف الغرفة بزهو  و هي تقول
 -  أنا عارفة كويس إن ابني عريس لقطة ده كل بنات العايلة كانت تتمناه بس مش أي واحدة تدخل دماغنا .
 بدا الاستياء  على  ملامح  أم  دعاء فلم تستطع أن تمنع نفسها من الرد عليها   
-   دعاء كمان عروسة لقطة وكل شباب عايلتنا كانوا بيعيطوا ويجيوا يترجونا  علشان نوافق نجوزها لهم بس احنا كمان منتظرين العريس المناسب اللي يدخل مزاجنا .
 تطلعت سمية لأم دعاء بانزعاج ثم   لكزت سامح   و قالت له  " احنا أتاخرنا " .   تطلع سامح إلى  وجه دعاء القمري  قبل أن يغادر مع أمه ثم قال لها " انتظروا منا زيارة تانية قريب قوي"
بعد خروجهما  من العمارة نظرت  سمية لابنها  بغضب  و لامته على إعطائه  لدعاء وعدا بالزيارة .
نظر لها سامح بعدم تصديق وسألها
- معقول يا ماما ليه حضرتك مش موافقة على العروس , دي تجنن
-  بس  أمها عقربه ولو تجوزت بنتها وهتسلط بنتها عليك وهنتكد عليك عيشتك  . دي قعدت تسألك أسئلة محرجة وبعدين بتتكلم معانا بتكبر وكأننا اصلا وافقنا على بنتها . مستحيل أناسب الست دي  . أنا عايزه   حماتك    تبقى طيبة زيي بالضبط.
لم يجرؤ  سامح على معارضة أمه رغم إعجابه الشديد بدعاء   فهز رأسه  مستسلما  ومشي ورائها في صمت منكس الرأس   .
في طريق العودة  استغرب سامح  عندما رأى أمه  تفتح حقيبة يدها وتخرج منها عروس باربي صغيرة وتربت على شعرها وتهمس في أذنيها
 " مسيري هلاقي زيك

1 تعليقات

رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته