عندما تسمع والدتي زقزقة العصافير بالقرب من شرفة  حجرتي تنادي على  بحماس   وتمازحني قائلة    "العصافير بتنادي عليكي أطلعي علشان تردي عليها   " ,فأضحك وأخرج بسرعة  لمشاهدتها رغم أني أعلم جيدا أنها  لم  تأتي من أجلي , فالعصفورة عندما تشعر  بوجودي   تفرد جناحيها وتطير بسرعة البرق وهروبها  ليس خوفا مني أنا فقط  و لكن  من كل البشر عموما لأنهم  لا يعرفون سوى
طريقتين في التعامل معها :  

" الأولي هي  القبض عليها ووضعها في قفص والاستمتاع برؤيتها وهي محبوسة داخله , والثانية وهي الأكثر قسوة  هي اصطاديها  , وأنا أرى   أن من يجد متعة في صيد العصافير ومشاهدتها وهي تسقط قتيلة ودمها يسيل على الأرض إنسان مضطرب وفي حاجة ماسة لعلاج نفسي  فالعصافير   لا تؤكل مثل  الطيور الأخرى  فما الفائدة التي تعود على الانسان من  اصطيادها , كما  أني أدركت  أن حياتها لها فائدة كبيرة لم اكتشفها إلا بعد أن  أصبحت متعتي الوحيدة  في الصباح والعصر أن أقف من وراء ستائر الشرفة لمشاهدة العصفورة على طرف جدار شرفتنا وفوق طبق الدش و  هي تفتح وتغلق منقارها الصغير  وتصدر صوت زقزقة ساحر يشع في قلبي نوع خاص من البهجة ,فأدركت  أن الله خلق العصافير لكي تعطينا هذه البهجة المجانية بصوتها الذي لم نعد تهتم بالاستمتاع به لأن دوامة الحياة ابتلعتنا  فأصبحنا  أشبه  بالآلات   نكرر نفس  الروتين اليومي بدون تفكير   ففقدنا  القدرة على الدهشة وأصيبت حواسنا بالتبلد فلم نعد تنتبه  لتلك الأشياء الصغيرة التي وجدت  لتعطينا لحظات مجانية من السعادة التي نهرول يوميا من أجل العثور عليها وهي في متناول يدينا   .
 أنا بالمناسبة لا أملك عصافير لأني مقتنعة  أن  مكانها الطبيعي هو الأشجار وليس الأقفاص الحديدية الضيقة  فوجودها في القفص  تقييد لحريتها ولأجنحتها التي خلقت للطيران , و  لو كانت العصافير تفهم كلامي  لكنت أخبرتها أني أحسدها على حياتها وأتمنى لو كنت مثلها فتكون الأشجار و الأغصان هي   بيتي والسماء الرحبة الواسعة ملعبي والأجنحة  وسيلتي في التنقل من مكان لأخر   .

0 تعليقات