كيف تحافظ على عقلك في زمن الجنون
زمن الظلام و
الخوف, زمن التكفير والتخوين زمن الظلم والاستبداد فيه وصل إلى اوجه, زمن الهيستيريا والإرهاب الفكري, زمن الاستقطاب الحاد , زمن التعتيم, زمن الممنوعات
, ممنوع السؤال , ممنوع النقد , ممنوع
التفكير, إذا كنت من الذين حلموا بوطن أفضل
ثم استيقظت لتجد حلمك الجميل تحول
إلى كابوس مريع , إذا كنت من أصحاب
العقول الحرة الذين لا يستطيعون الاستغناء عن حقهم في التساؤل والتفكير , إذا كنت تعيش في حالة نفسية سيئة وتشعر أنك على وشك أن تفقد عقلك بسبب عدم قدرتك على
تحمل العبث اليومي الذي يحدث حولك , فإن هذه النصائح موجهة لك
ابتعد عن وسائل الاعلام :
لا
تعتقد أنك تحصل على أي معلومات أو حقائق من كم الأخبار التي تقرأها وتشاهدها كل
يوم, وسائل الاعلام كانت ولا تزال أداة في
يد السلطة للدعاية للنظام الحاكم و حتى وسائل الاعلام الخاصة تستخدم أداة في يد ملاكها للتقرب من السلطة وإثبات ولائها للنظام , كما أنها في كثير من الاحيان تتعمد إثارة
الجدل وافتعال مشاكل وقضايا وأزمات وهمية أو الحديث عن موضوعات في غاية التفاهة والسطحية لإلهاء الناس وإشغالهم عن الأزمات
والمشاكل الحقيقية
لقد
تحولت أغلب وسائل الاعلام حاليا إلى وسائل
للتعتيم والدعاية والترويج وغسل العقول , حتى وسائل الاعلام المعارضة لا تتمتع
بالمصداقية ففي زمن الاستقطاب الحاد الذي نعيش فيه تلجأ جميع المواقع والقنوات إلى المبالغة
والتربص والأكاذيب من أجل جذب أكبر عدد من المتابعين وإثارة الجدل, الابتعاد عن وسائل الاعلام ليس انفصالا عن
الواقع ولكنه إجراء ضروري لتحرير عقلك من سطوة الآلة الدعائية التابعة للسلطة.
تجنب الجدل العقيم
هو أن تدخل في جدل مع شخص أحمق أو جاهل , للأسف لا أحد يتقن أداب الحوار والاستماع والاختلاف في عالمنا العربي , مهما كانت تمتلك من الحجج
المنطقية لن تستطيع إقناع الآخرين برؤيتك , الجماهير
كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي جوستاف لوبون لا تعي ولا تعقل ولكن يتم التحكم
فيهم و التلاعب بعواطفهم حتى ينبذوا
المنطق و يؤمنوا بأي شيء تريدهم السلطة أن
يصدقوه , لو ابديت رأيا مخالفا عن عامة الناس
ستتعرض لسيل من الاتهامات بالخيانة وقلة الوطنية والكفر من أشخاص يؤمنون بنظرية
أن كل من هو ليس معي فإنه بالتأكيد ضدي , لذا من الافضل أن تلتزم الصمت و تراقب ما يقوله
الناس من بعيد و تحتفظ بأرائك وأفكارك لنفسك حتى
تجد عقول منفتحة مستعدة لتقبلها.
اصنع عالمك الخاص :
مرة أخرى هذه ليست دعوة للانفصال عن
الواقع ولكنها دعوة للحصول على إجازة
قصيرة منه ومحاولة للابتعاد عن صراعات الحياة اليومية ولو
لفترة قصيرة , إنها دعوة للاستمتاع
بالأشياء الجميلة التي تجعل لوجودك معنى ,الأشياء التي تهون عليك مرارة الواقع ,
الأشياء التي تشعرك بالسعادة والمتعة والنشوة , هذه الأشياء عادة ما تكون هواياتك
المفضلة مثل الموسيقي , الكتب , السينما , السفر , الرسم , أي نشاط يمكن أن يسعدك ويكون ملاذا آمنا بالنسبة لك يستحق أن تخصص وقتك له , اصنع عالمك الخاص المليء بكل الأشياء
التي تحبها وانغمس فيها حتى تغسل روحك و
تجدد طاقتك وتستطيع العودة لمواجهة الواقع
والتعايش معه.
لا تفرط في التفاؤل أو في التشاؤم ولا تهرب
من الحاضر
إذا كنت تعتقد أن الأيام القادمة ستكون أفضل
أو ستكون أسوأ فأنت مخطئ في كلا الحالتين , أنت لا
تستطيع أن تعرف بالتحديد ما سيخبئه المستقبل
, كل ما تملكه هو مجموعة تخمينات وتوقعات
مبنية على معطيات قاصرة , لا أحد يعلم الغيب سوى الله ولعبة التوقعات دائما ما
تكون خاسرة , لو افرطت في التفاؤل ستصاب بالإحباط إذا لم يكن المستقبل كما تخيلته
وإذا افرطت في التشاؤم ستصاب بالاكتئاب وستعجز عن استقبال أي شيء إيجابي يمكن أن
يحدث في المستقبل .
لا تقضي وقتك في تخيل الكوارث والمصائب التي
ستحدث في المستقبل ولا تتحول مثل العجائز وتقع فريسة للنستوجاليا أو الحنين إلى
الماضي , لا تنظر إلى الخلف ولا تمد بصرك بعيدا , انظر أمامك وعش حاضرك فقط واستفد به إلى أقصى درجة فهو الشيء الوحيد الذي تملكه.
توقف عن التفكير في تغيير العالم
يقول
الأديب الروسي العظيم ليو تولستوي الجميع يريدون تغيير العالم ولكن لا أحد يريد تغيير
نفسه , هل تعرف لماذا يرفض الناس تغيير أنفسهم ؟ لأن
تغيير الذات أصعب كثيرا من تغيير العالم ؟
إنه عملية طويلة تستغرق العمر بأكمله وتحتاج إلى مصارحة مع النفس وشجاعة في مواجهة النواقص والعيوب من أجل التطور إلى الأفضل, , تغيير العالم يبدأ دوما بتغيير الذات , التغيير يبدأ من الداخل ويتجه
إلى الخارج وليس العكس, لا تشعر باليأس
والإحباط لأنك عاجز عن تغيير العالم , الانتصار الحقيقي الذي يمكن أن تحققه في هذه
الحياة ليس أن تجعل العالم مكانا أفضل
ولكن أن تجعل من نفسك دائما إنسانا أفضل
وأن تظل حتى أخر لحظة في حياتك متمسكا
بمبادئك وقيمك حتى لو تحول كل الناس حولك إلى أوغاد.
1 تعليقات
مقال جيد جداً و وجبت قرائته. الكاتبة وضعت الإصبع على الجرح و على ما أظن أن نسبة كبيرة في عالمنا العربي تعاني من ضغوط الحياة إن كانت بأسباب شخصية أو لأسباب مختلفة متعلقة بالبيئة الإجتماعية. النصائح ممتازة و تساعد على تقبل بعضاً من الضغوطات المعنية. أنصح بقراءة المقال.
ردحذفرأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته