قصة قصيرة: جلسة على البحر
لم يصدق وليد نفسه عندما سمح له رئيسه بالانصراف مبكرًا كمكافأة له على إنهائه العمل المطلوب منه سريعا, في أوج سعادته رأى طيف خطيبته رانيا أمامه ,شعر بالاشتياق إلى رؤيتها , ماذا لو أخذها وخرجا ليتنزهان سويا بمفردهما.
اتصل بها وعرض عليها فكرته فوافقت بدون تردد, وقفت في انتظاره حتى ظهر
بالتاكسي فركبته معه, سألته بحماس " هنروح فين ؟", كان يود أن يدعوها
للغداء في مطعم أو مقهى فاخر ولكن المشكلة
أن مرتبه أوشك على النفاد, " مفيش
إلا كورنيش البحر
", توقع وليد أن يكون الكورنيش هادئا باعتبار
أن كل الطلبة في مدارسهم وكل الموظفين في مكاتبهم, خرج وليد ورانيا من
التاكسي واتجها سريعا نحو سور الكورنيش ثم
جلسا فوقه , أخيرا سمح لهما الزمان أن يجلسا كأي خطيبين متحابين بمفردهما بدون
أهل ولا أقارب ولا أصدقاء, أخيرا سيتحدثا معا بكل صراحة بدون تكليف ولا مجاملات
ولا إدعاء. روعة الطقس الخريفي زادت من سعادتهما, أحسا أن الكورنيش ملكهما والبحر صديقهما ,تلاقت العيون واشتبكت الأنامل وبدأ قلب وليد يهتز وقبل أن يتحرك لسانه ليعبر
عن ما يجيش به قلبه ظهرت أمامه باقات من
الورود الحمراء كانت تحملها سيدة في منتصف العمر ترتدي عباءة
سوداء " لو بتحبها اشتري لها
ورد", ابتسمت رانيا في خجل وقالت لوليد
" مش مهم أنا مش بحب الورد قوي ,
اعترضت البائعة" معقول فيه حد مش بيحب الورد "بدأت تغني الورد جميل جميل الورد" بصوت قبيح, قرر وليد أن يشتري منها الورد حتى يصرفها
" البوكية الصغير ده بكام
؟" " بتلاتة جنية " أخذ منها البوكية, وأعطاه لرانيا ,تنفسا الصعداء بعد أن ابتعدت
عنهما البائعة ,عادت الابتسامة لوجه رانيا كإشارة بدء لوليد حتى يعاود الحديث , لم يكد يفتح وليد فمه حتى اخترق أذنيه
أطفال يصيحون وسيدة تزعق فيهم " بس
يا ولاد , أنا تعبت من الجري وراكم خلاص مفيش لعب تاني, اقعدوا هنا"
جلست السيدة وأولادها ملاصقين لرانيا, أخذ الأولاد يتشاجرون معا وأمهم تنهرهم حتى يسكتوا, تطلعت رانيا إليهم بغيظ ثم قالت لوليد " ما تيجي نتمشى"" أحسن برضه", دفنت أصابعها في كفه ثم تمشيا ببطء , عاودت الابتسام فتدفقت الكلمات على رأسه وبدأ في الحديث " انتي مش عارفة أنا كنت مبسوط قد إيه لما ...... لكزه شاب نحيل , حرك يديه بلغة الإشارة وأعطاه ورقة إعلانية للتبرع لإحدى جمعيات الصم والبكم" هز رأسه بالنفي و طلب منه الانصراف في هدوء , حاول أن يمسك بأطراف الكلام مجددا " اه أنا كنت عايز أقولك إني.... "
منعه عن استكمال الجملة صوت شحاذ العجوز اقترب منهما حاملا عكازه هاتفا بصوت جهوري " حسنة الله , ربنا يخليكم لبعض ويجمعكم في الحلال"
تأفف قائلا "الله يحنن" ولكن الرجل واصل إلحاحه
" أديني أي حاجة يا أستاذ أنا جعان وعايزه افطر" زفر وليد في ضيق ثم أعطاه جنيها, حاولت رانيا إخفاء انزعاجها وسألته " كنت عايز تقول إيه؟"أمسك رأسه وأغمض عينيه محاولا استجماع الكلمات " مش فاكر", داهمها الإحباط ,تطلعت حولها فرأت المارة يرمقونها بنظرات تشع منها السخرية والفضول والشك, أحست أنها مذنبة رغم أنها لم ترتكب أي جريمة, هذه ليست النزهة التي حلمت بها, قالت له
- طب ما تيجي نروح أحسن
- نروح إيه ده إحنا ما صدقنا جينا هنا لوحدنا
انتابه الذعر أحس أنه يجب أن يفعل أي شيء حتى يمنع لحظات السعادة المجانية التي أعطاها له الكون من الهروب منه , ألقى بصره على الصخور ثم برقت عيناه وابتسم لها وهو يشير بأصبعه بعيدا " إيه رأيك لو نقعد هناك؟"نظرت للصخور بتوتر وتمتمت:
-بس أنا خايفة أقع
-لا متخافيش هسندك
وضعت يدها على كتفه ونزلا بحذر فوق الصخور , اختارا أقرب صخرة إلى البحر وأبعدها عن الناس, جلس وليد فوق الصخرة ثم مد يده حتى يساعد رانيا على الجلوس بجواره, عادت الابتسامة إلى الوجه وعادت الفرحة إلى القلب بعد أن وجدا في هذه الصخرة العالية ملجئا من العالم الصاخب والعيون المتلصصة والعقول المترصدة, تذكر وليد الكلام الذي تبخر من عقله, بدت على رانيا اللهفة وهي تنتظره أن يبوح ويعترف وقبل أن ينطق بأول كلمة قاطعه صوت جديد , صوت أغلظ وأعلى وأقوى من كل الأصوات السابقة, صوت يؤذي الأذن ويستفز الأعصاب
" قوموا من هنا الصخرة دي بتاعتي", تطلع وليد إلى صاحب الصوت فوجده رجل سمين يحمل صنارة وسلة من الخوص , أخذ الرجل ينظر لهما باحتقار كأنهما صرصارين خرجا لتوهما من البالوعة, لم يفهم وليد سبب اعتراضه على جلوسهما على الصخرة:
- يعني إيه بتاعتك الصخور مش بتاعة حد الصخور دي ملكية عامة ومن حقنا نقعد عليها
-لا مش من حقكم تقعدوا عليها, الصخرة دي بتاعتي بقف عليها عشان اصطاد وكل الصيادين هنا يشهدوا بكده, يلا روحوا شوفوا لكم مكان تاني تقلوا أدبكم فيه ؟هب وليد واقفا واستعر الغضب في ضلوعه - نقل أدبنا إيه , إحنا مخطوبين , وهنقعد هنا غصبا عنككور وليد قبضة يده وكاد أن يسدد لكمة للرجل ولكن رانيا أمسكت بذراعه وقالت له متوسلة
- لا يا وليد أرجوك بلاش خناق أحسن لنا نروح
-ازاي يا رانيا , إحنا من حقنا نقعد هنا
ارتسمت ابتسامة محبطة على شفتيها وقالت له
" لا مش من حقنا ,طول ما احنا عايشين هنا مفيش حاجة من حقنا, مفيش فايدة, لازم نروح"
جلست السيدة وأولادها ملاصقين لرانيا, أخذ الأولاد يتشاجرون معا وأمهم تنهرهم حتى يسكتوا, تطلعت رانيا إليهم بغيظ ثم قالت لوليد " ما تيجي نتمشى"" أحسن برضه", دفنت أصابعها في كفه ثم تمشيا ببطء , عاودت الابتسام فتدفقت الكلمات على رأسه وبدأ في الحديث " انتي مش عارفة أنا كنت مبسوط قد إيه لما ...... لكزه شاب نحيل , حرك يديه بلغة الإشارة وأعطاه ورقة إعلانية للتبرع لإحدى جمعيات الصم والبكم" هز رأسه بالنفي و طلب منه الانصراف في هدوء , حاول أن يمسك بأطراف الكلام مجددا " اه أنا كنت عايز أقولك إني.... "
منعه عن استكمال الجملة صوت شحاذ العجوز اقترب منهما حاملا عكازه هاتفا بصوت جهوري " حسنة الله , ربنا يخليكم لبعض ويجمعكم في الحلال"
تأفف قائلا "الله يحنن" ولكن الرجل واصل إلحاحه
" أديني أي حاجة يا أستاذ أنا جعان وعايزه افطر" زفر وليد في ضيق ثم أعطاه جنيها, حاولت رانيا إخفاء انزعاجها وسألته " كنت عايز تقول إيه؟"أمسك رأسه وأغمض عينيه محاولا استجماع الكلمات " مش فاكر", داهمها الإحباط ,تطلعت حولها فرأت المارة يرمقونها بنظرات تشع منها السخرية والفضول والشك, أحست أنها مذنبة رغم أنها لم ترتكب أي جريمة, هذه ليست النزهة التي حلمت بها, قالت له
- طب ما تيجي نروح أحسن
- نروح إيه ده إحنا ما صدقنا جينا هنا لوحدنا
انتابه الذعر أحس أنه يجب أن يفعل أي شيء حتى يمنع لحظات السعادة المجانية التي أعطاها له الكون من الهروب منه , ألقى بصره على الصخور ثم برقت عيناه وابتسم لها وهو يشير بأصبعه بعيدا " إيه رأيك لو نقعد هناك؟"نظرت للصخور بتوتر وتمتمت:
-بس أنا خايفة أقع
-لا متخافيش هسندك
وضعت يدها على كتفه ونزلا بحذر فوق الصخور , اختارا أقرب صخرة إلى البحر وأبعدها عن الناس, جلس وليد فوق الصخرة ثم مد يده حتى يساعد رانيا على الجلوس بجواره, عادت الابتسامة إلى الوجه وعادت الفرحة إلى القلب بعد أن وجدا في هذه الصخرة العالية ملجئا من العالم الصاخب والعيون المتلصصة والعقول المترصدة, تذكر وليد الكلام الذي تبخر من عقله, بدت على رانيا اللهفة وهي تنتظره أن يبوح ويعترف وقبل أن ينطق بأول كلمة قاطعه صوت جديد , صوت أغلظ وأعلى وأقوى من كل الأصوات السابقة, صوت يؤذي الأذن ويستفز الأعصاب
" قوموا من هنا الصخرة دي بتاعتي", تطلع وليد إلى صاحب الصوت فوجده رجل سمين يحمل صنارة وسلة من الخوص , أخذ الرجل ينظر لهما باحتقار كأنهما صرصارين خرجا لتوهما من البالوعة, لم يفهم وليد سبب اعتراضه على جلوسهما على الصخرة:
- يعني إيه بتاعتك الصخور مش بتاعة حد الصخور دي ملكية عامة ومن حقنا نقعد عليها
-لا مش من حقكم تقعدوا عليها, الصخرة دي بتاعتي بقف عليها عشان اصطاد وكل الصيادين هنا يشهدوا بكده, يلا روحوا شوفوا لكم مكان تاني تقلوا أدبكم فيه ؟هب وليد واقفا واستعر الغضب في ضلوعه - نقل أدبنا إيه , إحنا مخطوبين , وهنقعد هنا غصبا عنككور وليد قبضة يده وكاد أن يسدد لكمة للرجل ولكن رانيا أمسكت بذراعه وقالت له متوسلة
- لا يا وليد أرجوك بلاش خناق أحسن لنا نروح
-ازاي يا رانيا , إحنا من حقنا نقعد هنا
ارتسمت ابتسامة محبطة على شفتيها وقالت له
" لا مش من حقنا ,طول ما احنا عايشين هنا مفيش حاجة من حقنا, مفيش فايدة, لازم نروح"
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته