عندما تتحول المشاعر إلى قنابل موقوتة
تستيقظ في الصباح لتبدأ يومك , تذهب لمكان
عملك أو دراستك , تبدو أمام الآخرين على ما يرام ولكنك في الحقيقة لست على ما يرام,
تشعر بصداع واعتلال في المزاج بدون سبب , كل شيء حولك يثير سخطك وحنقك, الزحام, المواصلات,
الضوضاء, ثرثرة الناس, يسألك زميلك عن أمر فترد عليه بلا اهتمام, يسألك ماذا بك
فترد عليه غاضبا : " وانت مالك ؟"
, يقول لك كلاما يبدو لك مهينا,
تتصاعد حدة غضبك فتتشاجر معه و تقرر
مقاطعته.
عندما تعود إلى المنزل وتسترجع الموقف تكتشف أنك بالغت في رد فعلك, وأن زميلك لم يقصد
إهانتك, وأن الأمر لم يكن يستدعي الشجار والمقاطعة.
بينما تجلس بمفردك في السيارة أو المنزل
ينطلق من المسجل أو من التليفزيون صوت أغنية حزينة , الموسيقى تضغط على الأوتار
الحساسة في قلبك, تفاجئ بالدموع تتساقط من
عينيك كالأمطار, تبكي بحرقة وبقوة كأنك تبكي على رحيل شخص عزيز عليك , تستغرب من
حدة بكائك , لقد استمعت لأغان حزينة عدة مرات من قبل ولم تبك , فلماذا انفجرت دموعك هذه المرة
بدون سبب واضح ؟
من المؤكد أنك تعرضت لهذه الموقفين مرات لا
حصر لها في حياتك , انفجرت غاضبًا أو باكيًا فجأة
لأسباب واهية ولكنك لو فكرت جيدا
ستدرك أن سبب بكائك أو غضبك لم يأتٍ من البيئة المحيطة بك بل أتي منك, من المشاعر
المتراكمة المحزنة بداخلك التي تحاصرك وتقض مضجعك وتطبق على أنفاسك.
عالم المشاعر عالم شديد التعقيد والغرابة,
مهما بلغنا من العمر والنضج نجد أنفسنا
عاجزين عن التعامل معها.
إننا دائما ما
نتعامل مع مشاعرنا باستخفاف واستهانة لأن المجتمع علمنا أن الاستسلام للمشاعر خاصة إذا كانت سلبية ينم عن الضعف
والخنوع.
الاعتقاد السائد هو أن من
يبكي شخص ضعيف هش مثير للشفقة ومن يستطيع
أن يكبح مشاعره ويحافظ على هدوئه وبروده شخص قوي , لقد تعلمنا أن نتعامل مع مشاعرنا
بالتجاهل أو الانكار ظنا منا أننا عندما لا نعترف بها ستختفي من تلقاء نفسها, ولكن العكس هو ما يحدث
فالمشاعر التي نحاربها ونرفض الاعتراف بوجودها لا ترحل, ولكنها تظل موجودة بداخلنا,
مسجونة في صندوق اللاوعي, بمرور الوقت تتراكم تلك المشاعر وتتحول إلى طاقة سلبية ضخمة تبحث لنفسها عن أي
منفذ , تنبه صاحبها إلى وجودها بإفساد حياته,
تجعله عاجزا عن النوم والأكل والتفكير, تصيبه بالصداع أو بالقولون العصبي وبالاكتئاب.
للأسف فإن معظم الناس يفضلون انكار حقيقة ما
يحدث لهم, احتمال ألمهم النفسي في صمت على
أن يعترفوا بتلك الآلام , إنهم يخافون أن
يدعوا مشاعرهم تخرج من مخابئها ,و يخافون من سيطرتها عليهم فيعمدون إلى انكار وجودها
, الإنكار هو أسوأ الطرق في التعامل مع
المشاكل, الحل الصحيح يكمن في المواجهة
والقدرة على مصارحة النفس.
الحل ألا تدع مشاعرك السلبية تتراكم وتكون
قادرا على الاتصال بها والتعامل معها سريعا.
الحل
يكمن في التعامل مع المشاعر بفضول واهتمام, يخطئ من يعتقد أن المشاعر منفصلة عن
العقل, المشاعر مرتبطة بالأفكار التي تمر على أذهاننا وكل فكرة سلبية أو ايجابية
لديها شعور مواز لها, وإن أردنا أن نغير
مشاعرنا لابد أن نكون قادرين على تحليلها وربطها بأفكارنا حتى نعرف سبب مجيئها في
تلك اللحظة والسماح لها بالخروج والتحرر
بطريقة آمنة , هناك طرق عديدة يمكن
استخدامها للتعبير عن المشاعر منها الكلام مع شخص قريب منك لديه استعداد للاستماع
لك, ومنها وسائل التعبير الفني كالكتابة والرسم والموسيقى, ولكن احذر أن تدفن
مشاعرك بداخلك, فالمشاعر المدفونة يمكن أن
تتحول إلى قنابل موقوتة تهدد حياة صاحبها وتؤذي من حوله.
أقرأ أيضا :
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته