الكتابة للجميع
وقعت عيني بالصدفة على هذا الإعلان في صفحة إحدى المكتبات على الفيسبوك
" تعتذر المكتبة عن قبول كتب
جديدة بسبب هشاشة المحتوى".
أضحكتني عبارة هشاشة المحتوى لكني لم أندهش من
إعلان المكتبة عن رفضها لقبول كتب جديدة, فمن يرتاد المكتبات أو معارض الكتاب بشكل
عام سيندهش من الكم الهائل من الكتب
أغلبها لأسماء جديدة تحمل عناوين غريبة وأغلفة عصرية ملفتة ولكن ماذا عن المحتوى؟ والسؤال الأهم هو لماذا ازدادت أعداد الأدباء خلال السنوات الأخيرة بهذه السرعة رغم أن معدل القراءة لم يرتفع كثيرا؟ .
يعتقد البعض أن زيادة
حجم الإنتاج الأدبي ودخول عدد كبير من الشباب لمجال الكتابة الأدبية دليل على ازدهار المواهب الأدبية ولكني أرى أن هذه الظاهرة لها سببين.
السبب الأول هو أن العصر الذي نعيش فيه يتيح لأي شخص أن يطلق على نفسه لقب كاتب أو أديب,
فيكفي أن يكون لديه مدونة أو حساب
على مواقع التواصل الاجتماعي وحبذا لو كان
شخص خفيف الظل ولديه القدرة على كتابة القفشات والبوستات الساخرة و سيجد عددا لا
بأس به من القراء والمتابعين.
السبب الثاني هو أن طريق النشر لم يعد عسيرا كما كان من عشر سنوات بعد ظهور عدد من دور النشر الحديثة التي ترفع شعار الكتابة للجميع فأصحاب هذه الدور يتخذون النشر وسيلة للربح
السريع و هم دائما على استعداد لنشر أي عمل أدبي
حتى لو كان مستواه متواضعا طالما أن صاحب العمل يملك المال اللازم لدفع ثمن
طباعة وتوزيع كتابه, رغم أن طريقة النشر هذه
تعطي للأدباء الفرصة
لتحقيق حلمهم ورؤية أسمائهم مطبوعة
إلا أنها تؤدي إلى صدور عدد كبير
من الأعمال الأدبية دون المستوى كما أنها تضر على المدى البعيد بالأدباء الناشئين
لأنها تحرمهم من فرصة تنمية موهبتهم حتى
تنضج ويكون لديهم عملا يستحق النشر فعلا.
قد يعتقد البعض أن كثرة عدد الأدباء
الجدد أمر صحي وأن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة والبقاء في النهاية سيكون
للأفضل ولكني أرى أنه وسط هذا الضجيج
الأدبي من الصعب على القارئ أن يميز بين
الكتاب الجيد والسيئ خصوصا مع اختفاء دور
النقد والاعتماد على قائمة الأكثر مبيعا والتي تكون في كثير من الأحيان مضللة,
فالأكثر مبيعا ليس بالضرورة هو الأفضل و هناك أعمال أدبية تحقق مبيعات عالية فقط
لأنها تتناول موضوعات مثيرة للجدل تتحدى عادات وتقاليد المجتمع أو لأن أصحابها
لديهم علاقات قوية في الوسط الأدبي والإعلامي مما يسهل عليهم الترويج لأنفسهم.
أعتقد أن هذا الانفجار الهائل في عدد
الإصدارات الأدبية سينتهي بعد أن يدرك أصحاب دور النشر الحديثة أن نشر كل هذه
الكتب بدون قراءتها وتقييمها سيحقق لهم خسارة فادحة على المدى البعيد
حتى لو حقق
لهم مكسبا سريعا لأن المضمون الأدبي هو
الطريق الوحيد لتحقيق نجاح حقيقي.
هذه التدوينة موجودة على مدونتي يوميات كاتبة
0 تعليقات
رأيك يهمني اترك تعليقك على ما قرأته